بحث في هذه المدونة

الاثنين، 19 فبراير 2018

مديونية ماسبيرو.. تشعل أزمة أموال التأمينات «الضائعة»

«مديونية ماسبيرو لبنك الاستثمار القومي بلغت نحو 32 مليار جنيه ولا يمكن إسقاطها لأنها أموال صغار المودعين وأصحاب المعاشات»..

في محاولة جديدة لإنقاذ أموال المعاشات، شددت وزيرة التخطيط والمتابعة والإصلاح الإداري، الدكتورة «هالة السعيد»  أمام لجنة اﻹعلام بالبرلمان على رفض أي إسقاط لديون «ماسبيرو».. لكن التشبث بآخر آمال استنقاذ أموال المعاشات (التي ذهبت ضمن خسائر اتحاد الإذاعة والتليفزيون) فتح من جديد جدلا واسعا عما إذا كان الأولى استثمار  أموال المعاشات في جوانب خدمية (هي من واجب الدولة) أم في مشروعات ربحية (تحفظ حق أصحاب المعاشات.

الاستثمار الخدمي الذي انتهى إلى مديونيات مجمدة يلوح الحديث عن إسقاطها، كثيرا ما أشعل حربا تتجدد على فترات بين أصحاب المعاشات، والحكومة بين الحين واﻵخر منذ سنوات عديدة، عادة ما يصف أصحاب المعاشات خلالها أموالهم بأنها «في ذمة التاريخ»، بينما تؤكد الحكومة في المقابل أنها «ديون في الخزانة العامة للدولة».

«سعيد الصباغ»، رئيس النقابة العامة للمعاشات، قال من جانبه لـ«مصر العربية» إن التأمينات لدى الدولة وصلت إلى 775 مليار جنيه، من بينهم 400 مليار صكوك وسندات وديون في الخزانة العامة، أي ما يقارب نص ميزانية الدولة.

وأوضح «الصباغ» أن مصر بها 9 ملايين صاحب معاش، و17 مليونا مؤمن عليه بالقطاعي الحكومي والعام والخاص، موضحاً أن قرار انشاء بنك الاستثمار القومي اعطى الحق أن يكون البنك مسيطر ومهيمن على جميع أموال المعاشات والتأمنيات مقابل أن تضمن الدولة هذه اﻷموال، وهو ما تسبب في أن تصبح أموال المعاشات والتأمنات صكوكا في الخزانة العامة للدولة.

ولفت رئيس النقابة العامة للمعاشات، إلى ضرورة تطبيق المادة رقم 17 من دستور  2014، والتي تنص على أن  «تكفل الدولة توفير خدمات التأمين الاجتماعى، ولكل مواطن لا يتمتع بنظام التأمين الاجتماعى الحق فى الضمان الاجتماعى، بما يضمن له حياة كريمة، إذا لم يكن قادرًا على إعالة نفسه وأسرته، وفى حالات العجز عن العمل والشيخوخة والبطالة».

و«تعمل الدولة على توفير معاش مناسب لصغار الفلاحين، والعمال الزراعيين والصيادين، والعمالة غير المنتظمة، وفقًا للقانون، وأموال التأمينات والمعاشات أموال خاصة تتمتع بجميع أوجه وأشكال الحماية المقررة للأموال العامة، وهى وعوائدها حق للمستفيدين منها، وتستثمر استثمارًا آمنًا، وتديرها هيئة مستقلة، وفقاً للقانون، وتضمن الدولة أموال التأمينات والمعاشات"

وأضاف أن الاستثمارات المباشرة عن طريق صندوقي التأمينات الحكومي، والخاص والعام،  والتي تحقق محفظة اﻷعمال فيعا 15.2% عائد سنوي، أفضل بكثير من العائد الذي يجلبه بنك الاستثمار القومي أو الخزانة العامة للدولة، في ظل انخفاض نسب عوائد التنمية نتيجة التضخم وعدم انتظام السوق بعد ثورتي 25 يناير، و30 يونيو، مؤكداً أن الاستثمارات المباشرة تحقق ما يساوي 150% من أعلى عائد تجلبه الدولة.

وأشار الصباغ  أنه لابد من وضع خطة لانتقال أموال التأمينات والمعاشات لمستحقيها، وإدارتها من جانب الهيئة المستقلة التي ينص عليها الدستور، لافتاً أنه من الضروري أن يكون العائد على هذه اﻷموال عائد مربح، وأن يقاس هذا العائد، على العائد الذي تجلبه الاستثمارات المباشرة.
وكشف رئيس نقابة المعاشات، أن أزمة أصحاب المعاشات مع الحكومة مستمرة منذ عام 2014، موضحاً أنه اجتمع مع الرئيس عبد الفتاح السيسي، وعرض عليه مطالبهم، والتي من أبرزها رفع الفائدة لـ12% بدلاً من 9.5%.

وبين الصباغ أن العلاوات التي تحملتها الخزانة العامة للدولة في الفترة الأخيرة، كانت نتيجة تحويل الاقتصاد المصري، من اقتصاد موجه إلى اقتصاد حر، وهذا هو دور الدولة لحماية محدودي الدخل والفقراء، ومن بينهم أصحاب المعاشات.

ومن جانبه أرجع الدكتور أحمد البرعي وزير التضامن الاجتماعى الأسبق، قضية المعاشات لعام 2004 ، عندما قرر وزير المالية الأسبق يوسف بطرس غالي ضم أموال المعاشات للخزانة العامة للدولة، وبعد أن أخذنا حكما من مجلس الدولة بشبهة عدم دستورية القرار ونفذ الحكم اعتبارًا من 2011 في حكومة الدكتور عصام شرف، بإعادة الأموال من الخزانة العامة لصناديق التأمينات الاجتماعية.

وأوضح  البرعي لـ"مصر العربية" أن المشكلة حالياً أن القانون 81رقم  الذي أنشأ بنك الاستثمار القومي أجبر التأمينات الاجتماعية على إيداع كل فائض من أموالها ببنك الاستثمار القومي وأصبحت ديناً لم تستطع الحكومة سداده حتى الآن، كما أن الأموال التي أودعت في الخزانة العامة بقرار بطرس غالي حتى إعادتها 2011 عليها فوائد لم تحسب حينها، وبلغت أموال المعاشات لدى الدولة 336 مليارجنيه."

ولفت إلى أن  اللجنة التي تم تشكيلها في حكومة الدكتور حازم الببلاوي، لاقتراح كيفية إعادة تلك الأموال أصدرت  تقريرا بأنه لا يمكن إعادة تلك الأموال نقداً، وأوضاع أصحاب المعاشات في حاجة لإعادة نظر، فهناك من يقبض 300 جنيه والزيادة لا تكفي ، ولو تركت أموال التأمينات الاجتماعية للاستثمار التجاري كأي دولة كانت ستعوض أصحاب المعاشات عن قلة دخلهم.

فيما أوضح الدكتور سامى نجيب خبير التأمينات والمعاشات،  أن استثمار الأموال في اﻷنظمة التأمينية أفضل بكثير، من صرفها في انشاء مشروعات خاصة لصناديق التأمينات، ﻷنها تضمن العائد ﻷصحاب المعاشات.

وأضاف نجيب لـ"مصر العربية"،  أن من صور الاستثمار الجيد، أن اعطي اﻷموال التي امتلكها لمشروعات تجلب فوائد عليها، وهذا ما تفعله الدولة في أموال المعائات،ـ ويطلق عليها "الدين الداخلي"، وتكون الدولة ملزمة بتسديده ﻷصحاب المعاشات.

وأكد الخبير التأميني، أن الدولة ملزمة بدفع دين ماسبيرو، باعتباره أحد أجهزة الدولة، فتكون ملزمة بإرجاع هذه اﻷموال ﻷصحابها.

وكشف نجيب، أن أفضل المشاريع التي يجب أن تستثمر فيها الدولةـ أموال التأمينات هي انشاء المشروعات التي تفيد العمال، ومنها انشاء المصانع لتوفير فرص عمل جيدة لهم ولابنائهم، وانشاء المستشفيات، والاستثمار في المشروعات الخدمية التي تصب في مصلحة العمال في المقام اﻷول، مؤكداً أنه لولا أموال التأمينات لما استطاعت الدولة بناء مصانعها.

وكانت وزارة التضامن الاجتماعي قد أعلنت في بيان سابق لها أن التكلفة السنوية للمعاشات، تبلغ 100 مليار جنيه، تقابلها 122 مليار جنيه إيرادات، منها 56 مليار جنيه قيمة الاشتراكات التأمينية المُحصلة، إضافة إلى 41 مليار جنيه قيمة عوائد الاستثمار، و25 ملياراً من الخزانة العامة للدولة، والفارق بين المتحصلات والمصروفات يعاد استثماره لصالح هيئة التأمينات.

وأوضحت أن  جدولة مديونيات وزارة المالية المستحقة للتضامن الاجتماعى، تسدد المديونيات على 10 سنوات، وبدأت عملية السداد من يوليو 2012، حيث تم سداد 14.2 مليار فى يوليو 2012، و14.2 مليار أخرى فى يوليو 2013، ونفس المبلغ فى يوليو 2014، ولكن الإشكالية تكمن هنا فى أن تلك السندات التى تسدد سنوياً بقيمة 14 مليار جنيه، هى سندات إثبات حق فقط وغير قابلة للتداول، ولا تستطيع هيئة التأمينات التصرف فيها أو بيعها.
 
 
مصر العربية
 
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق