بحث في هذه المدونة

الخميس، 25 أكتوبر 2018

خالد حمزة يكتب: فى رثاء من تخطى الخمسين

تبدو فيها كمن يرقص على السلالم تاركا وراءه عمرا بأكمله؛ وأمامه سنوات تفر منه كالساعات، وهاجس يلح عليه: أنت عجوز أكل منه الزمن وشرب، ولم تعد تلهيه سوى ذكريات هنا وهناك عن: أب أفنى حياته البسيطة وجرى جرى الوحوش ليربى أبناءه ونصيبه فى النهاية لن يحوش؛ تاركا الدنيا غير أسف وهو فى الـ56 من عمره؟ أو عن أم استلمت الراية من بعده ولـ30 عاما ويزيد؛ لتكمل رسالته قبل أن تموت مهمومة بألزهايمر الذى سكنها لـ3 سنوات كاملة؟

أو تشغلك ذكريات من عينة: مرضك الأول، أو حبك الأول حينما صدمت بالرفض بنعومة تشبه حد السيف؛ لتنصرف مهموما باكيا فى حجر أمك.

شريط سنوات عمرك الذى راح وانقضى يلح على خاطرك. بعضه يقول لك: أنت فاشل وبامتياز. أنظر لمن كانوا معك وصاروا ملء السمع والبصر وتكدست أموالهم فى البنوك؛ أو صاروا من الأعيان وامتلكوا هنا وهناك وأنت محلك سر؟

وبعض يؤكد لك: كل واحد بياخد نصيبه من الدنيا لا تنقص ولا تزيد قيراطا واحدا؛ أحمد الله على نعمة الصحة والستر والزوجة والعيال، وأحيانا يلح على عقلك ما اتخذته من مواقف وآراء كلفتك الكثير؛ وسط لوم من حولك: عامل ثورجى .. اشرب بقى.

وتحاول أن تفلت من دائرة فشلك المستمر. تجرب مرة أن تضع ما ادخرته من فلوس قليلة فى البورصة أو فى الأوراق المالية؛ فتكون النتيجة: الفشل الذريع! تهرب لهواية أحببتها فى الكبر؛ فتشترى عددا من قصارى الزرع؛ وتزرع ورودا وفاكهة وبعض الخضروات فتفاجأ أنها لا تنبت أبدا، وهكذا تمضى أيامك من فشل لفشل.

تفزعك وتوقظك.. يد شخص تربت على كتفك وتقول: سلامتك ياحاج؟ جملة.. تلخص كل معاناتك وتعيدك لقواعدك سالما؛ فلم يعد فى العمر بقية وما فات قد فات وما مر من أفراح وأتراح.. لن يعود أبدا.

أصبحت عجوزا بشهادة الناس والزمن؛ واستوطنت الأمراض بعضا كبيرا من جسدك الذى نحل، وبعد أن كنت تسير بالساعات؛ أصبحت لا تقوى على صعود سلم أو ركوب أتوبيس دون مساعدة

البقية فى حياتك
أنت عجوز.. أعلنت استسلامك وعلقت هزائمك فوق الشماعة. ولا تريد أن تعترف بأن: شيخوختك مثل الحب.. لا يمكنك إخفاءها؟



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق