بحث في هذه المدونة

الأربعاء، 9 مايو 2018

أكثر من نصف المسنين فى مصر يستفيدون من المعاشات

كشفت دراسة بعنوان: «المعاشات الاختيارية والتجارب العالمية»، عن تباين معدلات تغطية المعاش التقاعدى بشكل كبير بين الدول العربية، مشيرة إلى أنها تتراوح من %8 فى السودان إلى %72 فى الجزائر، وعند أعلى نقطة، يستفيد أكثر من %50 من المسنين فى تونس، والعراق، والمملكة العربية السعودية، ومصر من تغطية المعاش.

والمعاش هو مبلغ من المال يؤدى إلى الفرد عند الإحالة إلى التقاعد، وهذا يختلف عن دفعات المعاش، وهى مقدار من المال يتم الحصول عليه بشكل دورى، كل شهر أو كل ثلاثة شهور أو كل ستة شهور أو سنويا، وتؤدى دفعات المعاش طوال حياة الشخص أو لمدة محددة أو طوال الحياة، بحد أدنى مدة محددة، ودورية سداد دفعات المعاش و/ أو مدتها يعتمدان على الجهة التى تؤديه.

وأوضحت الدراسة التى أعدها الخبير الاكتوارى دكتور فايق حنا تاوضروس، ونشرها موقع الهيئة العامة للرقابة المالية، أن هناك عدة أنواع من نظم المعاشات فى مصر منها :
المعاش الحكومى، ومعاشات النقابات المهنية، ومعاشات صناديق التأمين الخاصة، مشيرة إلى أن الأول هو المعاش الذى تؤديه الحكومة المركزية لجميع المشتركين فى هذا النظام عندما يصل الفرد إلى سن التقاعد، وهو ما يعرف بالضمان الاجتماعى، وسن التقاعد فى مصر هو بلوغ الستين، وإن كان هناك اتجاه لرفعه إلى الخامسة والستين، رغم أن هذا القرار قد يكون له تأثيراته العكسية على الفرد، ومعدل البطالة، و تكلفة الإنتاج والإنفاق الحكومى أيضا، إذ أن الإبقاء على كبار السن خمس سنوات أخرى، سوف يكون له تأثيراته العكسية على فاتورة المرتبات.

أما معاش النقابات، فهو مبلغ شهرى ثابت يدفع إلى أعضاء نقابة مهنية معينة، عندما يصل العضو إلى الستين، وتختلف قيمته من نقابة إلى أخرى، وتتوقف قيمته على قيمة الاشتراكات التى يؤديها العضو.

أما معاشات صناديق التأمين الخاصة، فهى التى تؤديها هذه الصناديق، التى يؤسسها أصحاب الأعمال، إلى الأعضاء.

وحسب الدراسة، فإن المعاش الحكومى فى مصر غير كاف لتعويض الفرد عن دخله قبل الإحالة للتقاعد، ولن يحافظ له على نفس مستوى المعيشة أثناء العمل، وقد تختلف بعض الدول عن هذه الحالة، وفى مدى عدم الكفاية.

و حسب الدراسة، فإن نظام الضمان الاجتماعى فى ألمانيا، تم تصميمه لكى يحافظ على استمرار مستوى المعيشة الذى وصل إليه العامل أثناء عمله، وهو نظام مستقل عن الموازنة الحكومية لكنه يلقى دعما من الحكومة المركزية.
وقد بدأ هذا النظام على أساس التمويل الذاتى الكامل «Fully Funded System» وتحول فيما بعد إلى (Pay As You Go System PAYG) إذ أنه يوفر ما يعادل %70 من أجر العامل قبل الإحالة للتقاعد بعد فترة عمل 45 سنة، وهو أكبر من المعدل المطبق فى الولايات المتحدة الأمريكية إذ يبلغ %53 وهو ما يعرف بمعدل الإحلال ( حيث يحل راتب المعاش بعد التقاعد محل راتب العامل بعد التقاعد )، ويعتبر هذا النظام من أفضل النظم فى دول الاتحاد، فهو يمنح حرية التقاعد ما بين سن 60 و 65.

وقالت نجاة المكاوى، الخبيرة و أستاذة الاقتصاد فى جامعة «باريس – دوفين»، إنه لا تزال قطاعات كبيرة من السكان فى البلدان العربية خارج برامج المعاشات التقاعدية، وتضم غالبية هذه المجموعات النساء، والعاملين لحسابهم، والذين يعملون فى الزراعة والقطاع غير الرسمى، مضيفة أن معدل تغطية المعاش فى المنطقة العربية لا يتجاوز 35 ٪ من القوى العاملة فى المتوسط، حسبما ورد على موقع «ميدل إيست إنشورنس ريفيو»، وهى مطبوعة شهرية تهدف إلى تلبية الاحتياجات المعلوماتية لممارسى التأمين فى الشرق الأوسط.

وأوضحت - فى مقال نشره منتدى البحوث الاقتصادية بالقاهرة، وهو شبكة إقليمية تهدف إلى تشجيع الأبحاث الاقتصادية عالية الجودة، حول التنمية المستدامة فى الدول العربية - أن معظم نظم المعاشات التقاعدية فى المنطقة غير مستدامة، وينجم عنها تراكم مرتفع للالتزامات المالية الخاصة بالمعاشات؛ بسبب ارتفاع معدلات الاستبدال (لموظفى الخدمة المدنية) ومعدلات الاشتراك المنخفضة للغاية، مشيرة إلى أنه لم تجر تغييرات كبيرة، وإصلاحات لبرامج المعاشات فى هذه البلدان منذ إدخال نظم المعاشات التقاعدية.

تجدر الإشارة إلى أن الهدف من إصلاح نظام المعاشات، هو إقامة نظام معاشات سليم من الناحية المالية (تتنوع فيه الأخطار) استنادًا إلى دفع الاشتراكات من جانب المؤمن عليهم، كى يشمل عنصر تضامن الأجيال وعنصر التراكم الفعلى لرأس مال المعاشات، فى ظروف تزايد الأعمار بسرعة بين السكان، حتى يمكن توفير بديل موثوق به للدخل فى الأجل الطويل.

وأوضحت الدراسة أنه فى بلدان الخليج ذات الدخل المرتفع، تبلغ التغطية للمعاشات %47 فى البحرين، و %35 فى قطر و %29 فى الكويت و %47 فى عُمان، وتأتى فى ذيل القائمة كل من فلسطين والسودان، ويبلغ متوسط معدل تغطية المعاش حوالى %10، تبعا لما أورده موقع ميدل إيست إنشورنس ريفيو.

وفى فلسطين، يستفيد من التغطية العاملون فى القطاع العام والمنظمات غير الحكومية، وتتوفر برامج المساعدة الرسمية للمسنين فى المقام الأول من خلال وزارة الشئون الاجتماعية، وبرامج المعونة التى يمولها الاتحاد الأوروبى، والأمم المتحدة، والبنك الدولى، بيد أن هذه البرامج محدودة النطاق، وتعتمد اعتمادا كاملا على الجهات المانحة الأجنبية؛ لذا فإنها لا تضمن توفير دخل منتظم أو مدفوعات مستدامة لشرائح المستفيدين، وفى بعض البلدان، لا توجد أى برامج حماية لكبار السن على الإطلاق.

وحتى وقت قريب، استفاد كبار السن فى معظم البلدان العربية من برامج التضامن بين الأجيال، لكنه من المرجح أن تؤثر الاتجاهات الديموجرافية، والتغيرات الاجتماعية سلبًا على النظام التقليدى، وتلعب الأسرة والأطفال دورًا رئيسيا فى تقديم المساعدة للمسنين، بحسب ما ذكره الموقع.

وفى الدول العربية، بلغ مجموع السكان الذين بلغوا الستين، وما فوقها 16.5 مليون نسمة فى عام 2000، مقابل 28 مليون نسمة الآن، ويواصل عدد هذه الفئة العمرية النمو بوتيرة متسارعة.

ومن المتوقع أن يفوق عدد الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 60 سنة، عدد الأطفال دون الخامسة عشرة بحلول عام 2050، فى 9 بلدان فى المنطقة، هى الجزائر، والبحرين، والكويت، ولبنان، وليبيا، والمغرب، وعمان، وقطر، وتونس، طبقا لما ذكره الموقع.

وقالت الخبيرة الاقتصادية : من المتوقع انخفاض مزايا التأمين الاجتماعى، وعدم كفاية الدعم الأسرى مع تقدم العمر، ومن ثم فإن عددًا كبيرًا من كبار السن، خاصة النساء، سينتهى بهم الحال إلى ظروف سيئة للغاية أثناء تقاعدهم، ومن المحتمل أن يواجهوا الأمراض المزمنة، والأمراض العقلية، فى ظل عدم توافر أى دعم للرعاية الصحية.

وأظهر تقرير صدر العام الماضى عن صندوق النقد العربى والبنك الدولى، الحاجة الملحة إلى إصلاح نظام المعاشات فى المنطقة العربية، وتتمثل أهم التحديات التى تواجه المنطقة فى : تحسين كفاءة أنظمة المعاشات التقاعدية، وتخفيض التكاليف، وتحسين إستراتيجيات الاستثمار والحوكمة، وتحسين الاستدامة، والإنصاف ومعقولية التكلفة فيما يتعلق ببرامج المعاشات، وتوسيع نطاق تغطية المعاشات التقاعدية.

أحمد فراج - العرب اليوم





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق