بحث في هذه المدونة

الأربعاء، 20 ديسمبر 2017

كبار السن بعد صدمة الخروج للمعاش: «يناضل أيضاً من يعمل ويلعب بعد الستين»

فجأة، لا يعود الاستيقاظ مبكراً مطلوباً.. لا حاجة للخوض فى مواصلات الصباح، أختام الحضور والانصراف لم تعد ذات أهمية، تختفى لقاءات الزملاء وحوارات العمل اليومية، فقط حفلات وتهانى سن التقاعد، وأحياناً تكريمات.. ثم لا شىء.

يتذكر العقل سريعاً تلك الأيام، الطفولة السعيدة، وبعدها المراهقة العامرة، الحكايات والأصدقاء والجيران، يدوى السؤال المرعب «أين ذهبوا؟»، سؤال لا يملك أصحابه الوقت الكافى للإجابة، ففى السنوات التالية يبدو المشهد مكتظاً بالتفاصيل، زواج فأبناء، التزامات ومسئوليات، يصبح النوم فى كثير من الليالى «رفاهية» ويتحول العمل من اختيار لفرض، حيث لا مجال للغياب إلا لظروف قهرية، تلك النظرة النارية فى أعين الرؤساء، ذلك الشعور العارم بالأهمية، حيث تتعطل المهام، وتتوقف «المراكب السايرة» تأثراً بعدم الحضور، يصبح المرض «رفاهية» والإجازة خياراً زائداً عن حاجة العمل.

سنوات طويلة من العمل المتواصل، تمنيات عديدة بالراحة، وأحلام حول ذلك اليوم الذى يمكن للمرء أن يمكث فيه بالبيت دون إزعاج، لكن وطأة الحياة لا تلبث أن تصبح أثقل، المزيد من المصروفات مع تقدم الأبناء فى مراحل الدراسة، من الثانوية إلى الجامعة، ومنها إلى ليلة العمر التى يسبقها عشرات الترتيبات والضغوط المادية التى يلعب فيها العائل دور البطولة، سنوات من الإنهاك يحل بعدها العقد السادس سريعاً.

فجأة تختفى كافة السيناريوهات التى سبقت العمر الرسمى للتقاعد فى مصر، يذهب الأبناء لمنازلهم، ويختفى العمل وأحياناً شركاء الحياة، ويجد الكثيرون أنفسهم مرغمين على مواجهة اللحظة الأصعب، يتناسونها طويلاً، فتصبح فجأة حقيقتهم الوحيدة، لا خطط بديلة ولا فكرة عما تحمله الأيام التالية. العام الثقيل يحمل مرادفات غير سارة على الإطلاق، وأفكاراً مرعبة عما يحمله المجهول، شيب، أمراض مفاجئة، شيخوخة، نسيان، انتظار طويل لمكالمة، أو زيارة، أو حتى طرقة باب، اكتشافات مرعبة تتوالى، العمل لم يعد يتأثر بالغياب، كذلك حياة الأبناء، الجميع يذهب إلا الأفكار المؤلمة، ينفضونها سريعاً حيث تفرض الأمور الأكثر أهمية نفسها على اللحظة الساحقة، ينشغل البعض بالانخفاض المرعب فى الراتب متسائلاً «هاعيش إزاى» بينما ينشغل آخرون بالسؤال الأكثر رعباً «هاعيش ليه؟».

الوطن


 
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق