بحث في هذه المدونة

الخميس، 21 سبتمبر 2017

قانون التأمينات الجديد يثير الجدل

يستعد مجلس النواب فى دور الانعقاد الثالث الذى يبدأ مطلع أكتوبر المقبل، لمناقشة مجموعة مشروعات قوانين تهم فئات متعددة فى المجتمع وتحسم مصير ملايين المصريين.

ومن أبرز مشروعات القوانين، مشروع قانون التأمينات الاجتماعية الموحد، الذى تتنافس على إصداره جهتان هما الحكومة والبرلمان نفسه، إذ إن تأخر وزارة التضامن الاجتماعى فى تقديم قانون الحكومة للتأمين الاجتماعى الموحد، سمح لأعضاء لجنة القوى العاملة فى البرلمان بوضع مشروع قانون للتأمينات والمعاشات طبقاً لحقهم الدستورى فى ذلك.

تساؤلات كثيرة حول تأخر الحكومة فى إرسال مشروع القانون الجديد للبرلمان، واتهامات قوية وجهها أصحاب المعاشات لوزارة التضامن الاجتماعى بتدخل جهات أجنبية ودولية فى وضع مسودة هذا القانون وخصوصاً البنك الدولى.

وزيرة التضامن الاجتماعى نالها نصيب كبير من الهجوم بسبب السرية التامة التى تحيطها بمشروع القانون وعدم طرحه للحوار المجتمعى ومحاولتها إرسال مشروع القانون إلى البرلمان مباشرة دون عرضه على النقابات العمالية والمهنية، ووضع مواد تستفز 80% من الشعب المصرى وتزيد الاحتقان المجتمعى خصوصاً ونحن مقبلون على انتخابات رئاسية العام المقبل.

هذا القانون يمس أكثر من 29 مليون مواطن ما بين عمال وموظفين وأصحاب أعمال، ويمس أكثر من 9 ملايين مستفيد من المعاشات ينتظرون بفارغ الصبر زيادة معاشاتهم وإقرار علاوات سنوية تناسب ارتفاع الأسعار الجنونى.

وأشار الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء، إلى ارتفاع قوة العمل فى مصر يونيو الماضى لتصل إلى 29.183 مليون فرد بزيادة قدرها 33 ألف فرد بنسبة زيادة 0.1٪ عن الربع الأول من 2017، وبزيادة قدرها 651 ألف فرد بنسبة 2.3٪ عن الربع المماثل من العام السابق.
وارتفعت قيمة صرف المعاشات من عام 2011 إلى 2017 بواقع 57%، إذ كانت 45 مليار جنيه فى 2011 وحالياً 155 مليار جنيه، كما يبلغ عدد المستفيدين من المعاشات نحو 9.3 مليون مواطن.

ويتجاوز حجم أموال المعاشات والتأمينات حالياً 700 مليار جنيه منها 55 ملياراً فى بنك الاستثمار، و200 مليار جنيه فى وزارة المالية، و365 ملياراً فى البنك المركزى فى شكل صكوك منذ عهد يوسف بطرس غالى وزير المالية الأسبق، حسبما أكد مسلم أبوالغيط، أمين عام ائتلاف أصحاب المعاشات.

من جانبها، أعلنت الدكتور غادة والى وزيرة التضامن الاجتماعى، أن الوزارة اقتربت من إنجاز مشروع القانون وكشفت أهم ملامحه التى تمثلت فى دمج جميع التشريعات التأمينية فى قانون موحد للتأمينات الاجتماعية والمعاشات، والتوافق مع النصوص الدستورية ذات الصلة.

وتشتمل مواد مسودة المشروع على مراعاة الاتفاقيات الدولية والإقليمية وجميع الإصلاحات اللازمة لنظم التأمينات الاجتماعية والمعاشات بحيث تؤدى إلى الاستقلال الحقيقى والاستدامة المالية لنظم التأمينات الاجتماعية وتنظيم العلاقة بين الهيئة وبين الخزانة العامة للدولة بما يؤدى إلى فض التشابكات المالية بينهما، ومعالجة أثر التضخم على المعاشات عن طريق الزيادة الدورية ما يسهم فى رفع مستوى المعيشة لأصحاب المعاشات.

وتتضمن المسودة أيضاً دعم الربط بين كل نظم وبرامج الحماية الاجتماعية فى الدولة بمؤسساتها المختلفة، وإنشاء كيان مستقل لاستثمار أموال التأمينات الاجتماعية بحيث يحقق عائداً لا يقل عن معدل التضخم، مضافاً إليه سعر الخصم الاكتوارى، ويكون مؤثراً رئيسياً فى معدلات النمو الاقتصادية ويدعم الاستثمار الاقتصادى والاجتماعى فى الدولة.

وأطلعت وزيرة التضامن، بعثة فريق البنك الدولى على مسودة القانون والدراسات المالية والاكتوارية التى قام بها خبراء منظمة العمل الدولية، والذين لهم خبرة كبيرة فى المجالات الاكتوارية، التأمينية، والمالية بالتعاون مع فريق الحكومة المصرية المكون من وزارات التضامن الاجتماعى، المالية، والتخطيط، على مدار عامين.

وضمت بعثة البنك 5 خبراء من ذوى خبرات متنوعة فى مراجعة سياسات الحماية الاجتماعية وبرامج الإنفاق العام، بالإضافة إلى خبراتهم فى إصلاح نظم المعاشات فى الدول العربية والدول الشبيهة بالحالة المصرية، وتم تكليفهم بمراجعة المقترح وفقاً لأفضل الممارسات الدولية.

على الجانب الآخر، أكد النائب محمد وهب الله، وكيل لجنة القوى العاملة بمجلس النواب، أنه فى حالة عدم إرسال الحكومة مشروع قانون التأمينات الاجتماعية والمعاشات قبل بداية دور الانعقاد الثالث مطلع أكتوبر، فإن مجلس النواب سيبدأ مناقشة القانون الذى تقدم به ووقع عليه أكثر من 80 نائباً فى نهاية دور الانعقاد الثانى ثم عرضه على الجلسة العامة لإقراره والموافقة عليه دون انتظار موقف الحكومة.

وأضاف «وهب الله» أن مشروع القانون يتضمن 153 مادة، مشيراً إلى أن الدستور أعطى له الحق فى التقدم بمشروع كامل وليس تعديلات على القانون المراد تغييره، لافتاً إلى أن القانون الحالى لا يعطى العمال حقوقهم كما يتجاهل ارتفاع معدلات التضخم فيما يتعلق بالمعاشات.

وأوضح وكيل لجنة القوى العاملة، أن القانون الذى أعده يضمن حصول العمال على كل حقوقهم من خلال إحداث توازن بين الاشتراكات والأجور وجعل العلاوة سنوية بنسبة لا تقل عن 15%، إضافة إلى أن المعاش سيكون طبقاً لأقرب راتب حصل عليه العامل أو الموظف قبل المعاش، وتقليل نسبة الاشتراكات التى يدفعها أصحاب الأعمال لأنهم يحجمون عن التأمين على العمال كلما زادت هذه النسبة.

وأشار وهب الله إلى أن القانون سينص على إنشاء هيئة مستقلة لإدارة أموال التأمينات والمعاشات طبقاً للمادة 17 من الدستور بعيدة عن الحكومة حتى يتم استثمارها بشكل آمن ويشمل كل فئات العاملين بالحكومة والقطاعين العام والخاص لتحسين أحوال أصحاب المعاشات وتوفير الرعاية الاجتماعية والصحية للجميع والذين يقدر عددهم حاليا بنحو 9 ملايين مواطن.

البدرى فرغلى، رئيس اتحاد أصحاب المعاشات، قال إن مشروع قانون التأمينات الاجتماعية الموحد الذى تنوى الحكومة إرساله للبرلمان كارثة على الشعب المصرى كله سواء أصحاب معاشات أو الذين يعملون حالياً فى كل مؤسسات الدولة العامة والخاصة، مشيراً إلى أن جهات أجنبية ودولية تتمثل فى منظمة العمل الدولية وخبراء أجانب هى من صاغت مسودة هذا القانون باعتراف وزيرة التضامن الاجتماعى.

وأضاف «فرغلى» أن هذا القانون يتضمن مواد ستجعل المصريين فى حالة «استفزاز اجتماعى»، موضحاً أن الوزيرة غادة والى ترفض تماماً عرض مسودة مشروع القانون «المشئوم» على الرأى العام، وحتى أصحاب المعاشات أنفسهم لا توجد نقابة مهنية أو عمالية عرض عليها هذا القانون متسائلاً: «لماذا هذه السرية التامة فى مشروع قانون يهم أكثر من 80% من الشعب المصرى؟».

وأوضح رئيس اتحاد أصحاب المعاشات، أن هناك بعض المواد فى مشروع القانون تحرم البنت من معاش والدها عندما يتوفى إذا بلغت 24 عاماً.. وهذه كارثة غير موجودة فى أى قانون للتأمينات الاجتماعية.

كما أن المعاش فى القوانين الحالية يحسب بمتوسط الأجر خلال آخر سنتين عمل، وهو أعلى أجر تقاضاه العامل أو الموظف.. ولكن فى القانون الجديد المعاش سيحسب بناء على متوسط الأجر خلال سنوات العمل وليس آخر سنتين فقط، وهو ما يعنى انخفاض معاش المواطن بشكل كبير.

وأضاف فرغلى أن هناك كارثة أخرى فى القانون الجديد تتمثل فى إجبار رجال الأعمال على دفع تأمينات تساوى الأجر الكامل للعامل وهذا يمثل عبئاً إضافياً على صاحب العمل الذى سيضطر إلى فصل العمال أو تخفيض أجورهم، متهماً وزيرة التضامن بإخفاء مسودة القانون عن الرأى العام ووضعه فى سرية تامة، معبراً عن رفض أصحاب المعاشات لهذا القانون سيئ السمعة وعقد جمعية عمومية 19 سبتمبر المقبل لإعلان رفض القانون.

وأشار رئيس اتحاد أصحاب المعاشات، إلى أنه فى ظل القانون الجديد المزمع إرساله للبرلمان فإن أموال المعاشات والتأمينات ستكون فى «ذمة التاريخ» وسيمثل ذلك استمرار الاعتداء عليها من جانب الدولة، مؤكداً أنه لا توجد جهة رقابية تعلم مصير هذه الأموال.. و«كلها بقت صكوك غير قابلة للتداول وسندات بفوائد 8% وبعضها دون فوائد».

وأوضح فرغلى أن الدستور أكد إنشاء هيئة مستقلة لإدارة أموال التأمينات والمعاشات ولذلك يجب عند تطبيق القانون الجديد أن تستقل أموال التأمينات عن الحكومة واستثمارها بشكل أمثل، مناشداً الأحزاب الوطنية الوقوف مع أصحاب المعاشات ضد هذا القانون وضد الوزيرة الحالية.

وقال مسلم أبوالغيط، أمين عام ائتلاف أصحاب المعاشات، إن عدم عرض الحكومة متمثلة فى وزارة التضامن الاجتماعى مسودة مشروع قانون التأمينات الاجتماعية الموحد للحوار المجتمعى وإرساله إلى البرلمان مباشرة مخالف للدستور.

وأكد أبوالغيط، رفض أصحاب المعاشات لهذا القانون لأنه جاء بناء على تدخل من جهات دولية متمثلة فى صندوق النقد والبنك الدوليين بحجة الإصلاح الاقتصادى.. لكن الهدف الأساسى لهم هو التحكم والسيطرة على أموال المعاشات.

وأوضح أمين عام ائتلاف أصحاب المعاشات، أن القانون الجديد يعتبر نسخة أخرى من القانون رقم 135 لسنة 2010 الذى تم رفضه، مشيراً إلى أن القانون الحالى 79 لسنة 1975 جيد ومن الممكن تعديله وسد بعض الثغرات. فقد حقق هذا القانون لأصحاب المعاشات حوالى 700 مليار جنيه بصناديق التأمينات.

وأضاف: «قانون 79 الحالى جيد، لكن الشىء السلبى فيه ضعف الاشتراكات لأنه عندما صدر كان أغلب الموظفين والعمال تابعين للحكومة وكانت مش عاوزة تدفع لهم تأمين كتير.. لكن دلوقتى معظم الموظفين والعمال قطاع خاص وممكن تعديل القانون وتخليهم يدفعوا أكتر وتزيد الاشتراكات».

وأشار أبوالغيط، إلى أن القانون الجديد يهدد أبناء المطلقات والأرامل وحرمانهم من معاش آبائهم وأزواجهم، موضحاً فى الوقت نفسه أن مشروع القانون الجديد نص على إنشاء هيئة مستقلة لإدارة أموال المعاشات.. لكن يجب أن تكون بعيدة عن الحكومة قائلاً: «إنشاء صناديق وهيئة لاستثمار أموال المعاشات بطريقة الحكومة وعلى مزاجها مش هتنفع تانى ونحن نرفضها».

وأكد أمين عام ائتلاف أصحاب المعاشات، أنه يجب أن تكون أموال المعاشات مستقلة تماماً عن الحكومة قبل أى شىء ومن ثم نبدأ التفكير فى كيفية استثمارها والطريقة الأنسب لإدارتها بما يتوافق مع مصالح أصحاب المعاشات قائلاً: «طول ما الفلوس مع الحكومة مش بنعرف عنها حاجة».

وكشف أبوالغيط عن حجم أموال المعاشات والتأمينات فى مصر، مؤكداً أنها تتجاوز 700 مليار جنيه منها 55 ملياراً فى بنك الاستثمار، و200 مليار فى وزارة المالية، و365 مليار جنيه فى البنك المركزى فى شكل صكوك منذ عهد يوسف بطرس غالى وزير المالية الأسبق.

وقال سعيد الصباغ، رئيس النقابة العامة لأصحاب المعاشات، أحد واضعى مسودة القانون الجديد، إنه تم الاتفاق أثناء وضع المسودة على أن حقوق أصحاب المعاشات فى القوانين السابقة هى الحد الأدنى لما سيكون فى القانون الجديد، مشيراً إلى أن هناك قانون 79 خاص بالعاملين فى الحكومة والقطاع الخاص، وقانون 108 خاص بأصحاب الأعمال وما فى حكمهم، وقانون 50 خاص بالعاملين فى الخارج، وقانون 112 للعمالة غير المنتظمة.

وأضاف «الصباغ» أن قانون 79 لسنة 1975 لم يدخل عليه أى تطور منذ إصداره ومعظم التعديلات التى طرأت عليه كانت سالبة لبعض حقوق أصحاب المعاشات، مشيراً إلى أن القانون الجديد به عدد من المميزات والإيجابيات لأصحاب المعاشات.

وأوضح رئيس النقابة العامة لأصحاب المعاشات، أن من ضمن مميزات القانون الجديد رفع الحد الأقصى للاشتراكات لـ6 آلاف جنيه بدلاً من 3700 جنيه، والإبقاء على تسوية المعاش بناء على 80% من متوسط الأجر فى آخر سنتين وليس كما يدعى البعض بأنها ستكون على سنوات العمل كلها، إضافة إلى منح علاوة سنوية لأصحاب المعاشات تساوى الارتفاع فى نسبة التضخم.

وأشار الصباغ، إلى أن لدينا حوالى 7 ملايين مواطن ضمن العمالة «غير المنتظمة» وغالباً لا يكون مؤمناً عليهم نتيجة إهمال أصحاب الأعمال لهم وعدم وجود عقوبات كافية فى القانون الحالى.

لكن القانون الجديد سيضع غرامات على صاحب العمل تبدأ من 20 ألف جنيه وبحد أقصى 50 ألف جنيه والحبس 6 أشهر فى حالة مخالفته للقانون مقارنة بـ100 قرش و2000 قرش فى القانون الحالى.

ولفت رئيس النقابة العامة لأصحاب المعاشات، إلى أن القانون الحالى جيد من ناحية الحقوق ولكنه سيئ من ناحية المزايا وصرفها وطريقة تسويتها قائلاً: «ده قانون بيتكلم عن أمور بقالها 40 سنة أيام ما كان الجنيه أغلى من الدولار.. والأمور دى لازم تتغير».

وهاجم الصباغ، منتقدى هذا القانون متهماً إياهم بعدم العلم والمعرفة بمواده قائلاً: «الناس اللى بتقول حرمان البنت من معاش أبوها لما تبلغ 24 عاماً مش عارفة حاجة ومش فاهمة حاجة.. دى حقوق مستقرة فى القانون محدش يقدر ييجى جنبها.. أنا مش عارف الناس بتقول كده إزاى؟.. وخلينا ننتظر ونشوف القانون هيطلع شكله إيه».

ولفت الصباغ، إلى أن القانون الجديد سيتضمن إنشاء صندوق لرعاية أصحاب المعاشات حتى لا نضع أنفسنا فى أزمة كالتى مرت علينا فى عيد الأضحى المبارك عندما لم يتم صرف المعاشات قبل العيد. واضطرت الحكومة إلى ذلك نتيجة تصادم صرف المعاشات مرتين فى الشهر مع القانون ولديها الحق فى ذلك، وبالتالى ستكون مهمة صندوق الرعاية تقديم منح وخدمات ومزايا لأصحاب المعاشات فى المناسبات والأعياد حتى لا نكون تحت رحمة أى جهة.

وأشار إلى أن قيمة أموال المعاشات حوالى 705 مليارات جنيه كقيمة للأصول الرأسمالية والحسابات فى البنوك، وتبلغ قيمة ما يصرفه أصحاب المعاشات سنويا 140 مليار جنيه من عوائد وفوائد هذه الأموال، مؤكداً أنه يجب أن يكون هناك فصل كامل بين أموال المعاشات والتأمينات وتدخل وزارة المالية فى إدارتها.

كما يجب أن تكون إدارة هذه الأموال من خلال هيئة لها مطلق الحرية فى استثمار هذه الأموال بما يحقق أعظم فائدة لأصحاب المعاشات.
 
 
 
 
 
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق