بحث في هذه المدونة

الأربعاء، 14 يونيو 2017

المعذبون على أبواب «المعاشات»

«الوفد» قضت يوماً معهم فى مكاتب البريد 

 

رفض نحو 9٫5 مليون مواطن من أصحاب المعاشات زيادة الـ15٪ التى قررت الحكومة تطبيقها أول يوليو لأنها لا تتناسب مع زيادة الأسعار والتضخم، وطالبوا مجلس النواب بزيادة 20٪ وبحد أدنى 200 جنيه.

فقرار الـ15٪ أصاب أصحاب المعاشات بحالة من الإحباط، ودعا النقابة العامة لأصحاب المعاشات إلى تقديم مذكرة لرئيس الجمهورية لتوضيح مدى تأثير قرار تحرير سعر الصرف على أصحاب المعاشات خصوصاً الشيوخ والمسنين فوق السبعين، فهم يعانون الأمرين فى طوابير لساعات طويلة على أرصفة الشوارع تحت حرارة الشمس الحارقة، وبعضهم يحصل على مبالغ بسيطة لا تعينهم على احتياجات ومتطلبات المعيشة الصعبة، أو سد رمق الأفواه الجائعة.. دون النظر إلى حقوقهم القانونية والدستورية أو أحوالهم الصحية.

وتؤكد الإحصائيات، أن 5.5 مليون مواطن يتقاضون أقل من 500 جنيه معاش شهرياً، و4 ملايين يتقاضون 1200 جنيه، وجميع صورهم تحكى قسوة الظروف، وتجسد مدى الألم والحسرة داخل هؤلاء المهمشين، ما جعلهم يتركون رسالة غضب من الحكومة «العاجزة» عن تحقيق الحق والعدالة والكرامة الإنسانية.. ومع هذا ما زالت الآمال معلقة فى حياة كريمة ورعاية صحية وعلاجية مناسبة للجميع.

وللتعرف على أحوال أصحاب المعاشات ذهبت «الوفد» لزيارتهم، والاطلاع على مشاكلهم.. واستمعت إلى شكاواهم وصرخاتهم المتكررة.

منين ناكل؟

فاطمة محمود «65 عاماً» أم لولدين وبنت، تعانى ضعفاً فى البصر وارتفاعاً فى ضغط الدم، صرخت فى وجهى عندما سألتها بتعيشى منين؟ فقالت: باخد معاش 800 جنيه فى الشهر بعد 40 سنة خدمة بمستشفى حميات إمبابة. وتضيف: أعول 3 أبناء وأسكن فى عشة من الصفيح وسقف خشب وجدران متهالكة دون أى قطعة أثاث بعزبة خير الله، وتقول بأسى: محدش بيسأل عننا، بعد وفاة زوجى الأرزقى من 17 عاماً وأكلنا الوحيد هو الفول والطعمية والبتنجان لأن أسعار اللحمة البلدى نار ووصل الكيلو 150 جنيهاً، يعنى لو اشتريت كيلو واحد فقط فى الشهر المعاش هيضيع على أكلة.

حياة بملاليم
الحاجة عزيزة حكايتها هى حكاية ملايين الأمهات اللاتى يعشن ظروفاً قاسية.. هى أم لأيمن ومحمد فى سن 27 و33 سنة.

تقول الحاجة أو الجدة عزيزة: بهدلة وتعب علشان 350 جنيهاً كل شهر، كنت باخدم هنا وهناك علشان آكل وعلشان عيالى ياكلوا، ونفضل عايشين بملاليم والإيجار 110 جنيهات.. والباقى بنعيش بيه.

وتضيف: يا ترى الحكومة حتزودونا بمبلغ عليه «القيمة» والا كلام؟
وعبرت الجدة عزيزة عن استيائها من الارتفاع الجنونى فى أسعار كل السلع الغذائية والضرورية، وعدم ملاءمة هذا المعاش البسيط، مع متطلبات المعيشة المتزايدة، كما أنها لم تعد قادرة على دفع فواتير المياه أو الكهرباء، بسبب ظروفها الصعبة، والشكوى لغير الله مذلة.

حياة قاسية
معاناة أخرى ترويها بديعة يسرى وهى امرأة عجوز تشتهر بأم محمد وتبدأها بسرد معاناتها من حساسية بالصدر وحصوة فى الكلى وتضخم بالكبد، ورغم كثرة المتاعب أمام شبابيك صرف المعاشات، التى تمتد لأمتار خارج المكتب، وحدوث حالات إغماء لكبار السن، وتزيد المعاناة، إلا أنها سعيدة بالحصول على المعاش.

لكن هذه السعادة مؤقتة، ومرتبطة بعملية الصرف التى سرعان ما تتبدل وتتحول إلى مرارة فنقول إننا لا نشعر بزيادة المعاش الحياة أصبحت صعبة للغاية.. ونار الغلاء بتنسف ميزانية الأسرة وأنا باستنى يوم قبض المعاش، علشان أفرح أولادى الخمسة.. وماليش مصدر دخل تانى والحد الأدنى للعلاوة 130 جنيهاً يعنى لا تغنى ولا تسمن من جوع لصاحب معاش 500 جنيه، ولو قسمت 130 جنيهاً على الشهر يكون 4 جنيهات فى اليوم تعمل إيه فى نار الغلاء؟

انعدام الضمير
حكايات الألم فى دفاتر المآسى لا تنتهى، حكاية عم أمين بعد أن أنهى الخدمة بأحد مصانع الأجهزة الإلكترونية فى فترة خصخصة القطاع العام، وجد نفسه يتقاضى معاشاً لا يكفى إنفاق أسبوع واحد، يروى قصته لـ«الوفد» والدموع تفيض من عينيه بعد خروجى معاش مبكر خدت معاش 800 جنيه وكانت المركب ماشية لكن أصبت جلطة بالقدم خليتنى مابتحركشى، وابنى بيروح يصرف المعاش والمصيبة أن موظفي مكاتب البريد بياخدوا إتاوة من المواطنين فكل من يحصل على المعاش بدلاً من أبيه أو أمه يدفع 20 جنيهاً للموظف!

وبأسى يكمل: ظروفنا صعبة بصرف أدوية بـ300 جنيه فى الشهر وإيجار 45 جنيهاً، والمعاش كله 1500 جنيه واللحمة بنشوفها مرتين فى الشهر، والحكومة مش بتسأل فينا ولا تعرف قيمتنا إلا فى الانتخابات ساعتها بيسألوا فينا ولما بنطالب بحقوقنا تخرج لنا الأعذار أن الدولة ظروفها صعبة.

تصريحات مسئولة
سعيد الصباغ، رئيس النقابة العامة لأصحاب المعاشات، أكد أن هناك كارثة يعيشها أصحاب المعاشات يومياً، فجنون الأسعار الذى نعيشه الآن يكفى لتلخيص مشاكل أصحاب المعاشات، فهناك مليون و600 ألف شخص معاشهم 500 جنيه و4 ملايين شخص يتقاضون معاش 1200 جنيه شهرياً وتلك الأرقام كافية للإجابة عن تصريحات الحكومة حول المعاش.

وأضاف رئيس نقابة أصحاب المعاشات قائلاً: لو أن مواطناً يتقاضى معاش 700 جنيه شهرياً ويعيش هو وزوجته فقط على تناول الفول والطعمية فلن يكفيهما المعاش فى نهاية الشهر، لذلك تقدمنا بمذكرة للعرض على رئيس الجمهورية لتوضيح كافة المشاكل التى نعانى منها خصوصاً بعد تعويم الجنيه وانخفاض قيمته الشرائية وارتفاع نسبة التضخم لأكثر من 35٪ ورفع الدعم عن الكثير من السلع والخدمات، فكل ذلك أدى إلى أن نسب الفقر المحددة فى مصر تنطبق على أكثر من 80٪ من أصحاب المعاشات رغم امتلاكهم 683 مليار جنيه، مؤكداً أن قيمة المعاشات مخالفة للمادة 17 من الدستور التى نصت على «تكفل الدولة توفير خدمات التأمين الاجتماعى ولكل مواطن لا يتمتع بنظام التأمين الاجتماعى الحق فى الضمان الاجتماعى».

وأضاف «الصباغ»، أن هيئة مفوضى محكمة القضاء الإدارى أصدرت حكماً بأحقية صاحب المعاش فى الحصول على الـ80٪ من العلاوات خلال تأدية وظيفتهم دون اللجوء للقضاء والحكومة امتنعت عن التنفيذ.

وطالب «الصباغ» برفع نسبة العلاوة إلى 20٪ ويكون الحد الأدنى 200 جنيه مع رفع جميع المعاشات الممولة إلى 700 جنيه وإيجاد حلول حقيقة للنهوض بالمستوى المعيشى لهم، من خلال وضع حد أدنى لمعاشاتهم وفقاً لنص المادة 27 من الدستور.

البدرى  فرغلى، رئيس اتحاد أصحاب المعاشات السابق، قال إن التضخم الذى حدث بسبب تعويم الجنيه أدى إلى خفض القوة الشرائية لأصحاب المعاشات بنسبة 50٪ والزيادة 15٪ التى تم إقرارها لن تعالج الأوضاع المالية التى يعيشها أصحاب المعاشات.

وأشار البدرى فرغلى إلى أنه على البرلمان أن يتدخل لرفع تلك العلاوة إلى 20 ٪ بحد أدنى 200 جنيه، مشيراً إلى اعتراض أصحاب المعاشات على الزيادة عند 15٪، فنحن نتعرض لمأساة إنسانية واجتماعية بسبب ارتفاع الأسعار والتضخم.

وأوضح رئيس اتحاد أصحاب المعاشات السابق أن هناك حوالى 5 ملايين مواطن فى مصر سقطوا تحت خط الفقر وأصبحوا فى عداد معدومى الدخل فقيمة المعاش لا تكفى الأكل والشرب والإيجار وخدمات المرافق.

وأكد فرغلى، أن أصحاب المعاشات يتقاضون معاشاتهم من الخزانة العامة للدولة وليس من الموازنة وهى من إيرادات التأمينات التى يدفعها 18 مليون عامل ونحصل فى النهاية على جزء بسيط رغم أننا ندين الدولة بتريليون جنيه فوائد أموال المعاشات.

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق