بحث في هذه المدونة

الأربعاء، 24 مايو 2017

مظاهر فساد جديدة بهيئة التأمين الاجتماعى

بينما يستعد 9 ملايين صاحب معاش وأسرهم لاستقبال شهر رمضان المعظم خلال الأيام القادمة، فهم يشعرون بخيبة أمل كبيرة بعد أن ضربت الحكومة عرض الحائط لاستغاثتهم التى تضمنتها رسائلهم الموجهة خلال الشهر الأخير لجميع المسئولين بالدولة بلا استثناء واحد لحاجتهم الماسة لصرف منحة شهر كمعاش استثنائى بمناسبة شهر رمضان المعظم الذى يستقبلونه بجيوب خالية وبطون خاوية ونفوس منكسرة وبأحوال معيشية متردية للغاية وصلت بالغالبية العظمى منهم إلى ما دون خط الفقر المدقع لتلامس الموت وهم مازالوا أحياء.. ولم يعد فى قدرتهم الاستجابة لتحقيق الحد الأدنى من المتطلبات الأساسية لأسرهم فى هذا الشهر الذى كان دوماً يوصف بالكرم لتحيله السياسات المحبطة للحكومة إلى تراث تاريخى عن زمن مضى ليعايشوا أسود أيام حياتهم.

ومن المضحكات المبكيات أن أصحاب المعاشات وهذه أحوالهم يمتلكون ثروة طائلة زادت قيمتها على تريليون جنيه باعتراف الحكومة ذاتها.. إلا أنها تحّولت بعد الاستيلاء عليها بقوانين وقرارات جائرة إلى مجموعة أوراق لا قيمة لها وغير قابلة للتداول، وتركتهم يتسّولون للحصول على معاشاتهم الهزيلة. 

هذه المقدمة التى قد تبدو للبعض طويلة ويائسة، إلا أنها طبيعية جدا ًفى ضوء ما كشف عنه تقرير الجهاز المركزى للمحاسبات عن نتائج أعمال الهيئة القومية للتأمين الاجتماعى للسنة المالية (2014 - 2015) كآخر تقرير صادر عن الجهاز وبقراءة سريعة جداً لبعض الأرقام التى حفل بها التقرير يتضح مدى الفساد والمخالفات المتراكمة بعضها مستمر منذ سنوات بلغت نحو 21 مليار جنيه بموازنة الهيئة بصندوقيها القطاع الحكومى وقطاع الأعمال العام والخاص، منها 19.3 مليار جنيه تجاوز غير مرخص به فى التكاليف والمصروفات وعجز مقداره 2.4 مليار جنيه بموازنة التأمينات الاجتماعية، ومما يذكره التقرير عدم تحقيق بعض الاستثمارات فى الأوراق المالية أى عائد خلال العام المالى موضوع التقرير، فضلاً عن أن بعض هذه الاستثمارات لم يحقق عائداً يذكر منذ سنوات، ويؤكد التقرير أن هناك ضعفاً فى نظم الرقابة الداخلية على أعمال الصرف والتحصيل بصندوق التأمين الحكومى مما أنتج عددا من حالات التلاعب والاختلاس والإهمال بلغت 256 حالة بعضها قيد التحقيق بالنيابة الإدارية وبعضها مُحال للمحاكمة التأديبية..
 
 ولفت التقرير الانتباه إلى وجود مظاهر من الإسراف فى الإنفاق العام بصندوق التأمين الحكومى تمثلت فى أنه بلغ المنصرف الفعلى نحو 268 مليون جنيه قيمة مكافآت إنتاج إجمالى بواقع 5 أشهر لجميع العاملين محسوبة على الأجر الشامل شهرياً بموجب قرارات صادرة من رئيس الصندوق مع عدم وضع ضوابط وقواعد محددة لإحكام الرقابة على الصرف. 

ومن بين ما رصده التقرير من مخالفات صندوق التأمين الاجتماعى للعاملين بقطاع الأعمال العام والخاص «أن الصندوق اعتاد استنفاد بند المكافآت والحوافز بالخصم على مجموعة الأجور بصورة إجمالية باعتبارها حوافز للعاملين دون تحديد ماهية تلك الحوافز ودون تحديد المستحقين عنها وتبين الخصم على مجموعة بند الأجور بنحو 25.3 مليون جنيه باعتبارها حوافز مستحقة وذلك بالمخالفة للبند 5 من منشورات وزارة المالية رقم 5 لسنة 2015 بشأن إعداد الحساب الختامى.

كما اتضح أن بعض استثمارات الصندوق لم تحقق عائداً عن العام المالى السابق رغم زيادة مساهمة الصندوق فى بعضها.. فضلاً عن عدم تحقيق بعضها لعائد منذ عدة سنوات.. وبلغت تلك المساهمات نحو 97 مليون جنيه. ومن بين المخالفات التى أشار إليها التقرير الخصم على المصروفات الخدمية المتنوعة بمجموع المصروفات بنحو23 مليون جنيه قيمة المسدد لشركة «آيفايننس» بنحو 21.6 مليون جنيه مقابل أعمال الصرف الآلى ونحو 1.4 مليون جنيه لشركة «أمانكو» مقابل نقل الأموال لماكينات الصرف الآلى والتى يتم تغذيتها بمعرفة شركة «آيفايننس»، مما أدى إلى زيادة أعباء الصندوق نتيجة أعمال الصرف الآلى، وعدم سلامة صرف مبالغ تأمين نقل الأموال وتوصيل المبالغ النقدية وتجديد التعاقد مع الشركة المعنية دون وجود أى ميزة للصندوق وعدم طرحه فى مناقصة عامة بالمخالفة لقانون المناقصات والمزايدات رقم 89 لسنة 1998 مما يثير وجود شبهة تربح وفساد فى تجديد التعاقد، وهو محل تحقيق فى الجهات القضائية حالياً لوجود مخالفات أخرى فى شروط التعاقد مع الشركة.

لقد حفل التقرير بعشرات الأرقام التى لم تسمح المساحة بتسجيلها أو التنويه عن أسبابها ونتائجها السلبية، وجميعها يتحمل مخاطرها أصحاب المعاشات من أموالهم التى يشعرون بأنها مستباحة. وها نحن نحيل هذه الصورة إلى الرأى العام وإلى أعضاء مجلس النواب مؤكدين أننا سنظل متمسكين فى الوقت ذاته بحقنا فى إدارة أموالنا وبالطريقة التى حدّدتها المادة (17) من الدستور وألزمت الحكومة بها «بأن أموال التأمينات والمعاشات أموال خاصة، تتمتع بجميع أوجه وأشكال الحماية المقررة للأموال العامة، وهى وعوائدها حق للمستفيدين منها، وتستثمر استثماراً آمناً.. وتديرها هيئة مستقلة، وفقاً للقانون»

أليس فيما سبق رداً على بعض ما تدعيه الحكومة بأنها تعين أصحاب المعاشات وأنها تزّكى عليهم بما تمنحه لهم من معاشات.. وفى النهاية ليس أمامنا إلا أن نقول حفظ الله مصرنا من الفساد والفاسدين.. وحسبنا الله ونعم الوكيل.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق