بحث في هذه المدونة

الخميس، 2 مارس 2017

أصحاب المعاشات.. وخيل الحكومة!!

طبعاً.. طبعاً.. كنت أعلم الكثير عن معاناة أصحاب المعاشات.. لكن بعد أن اطلعت على تجربة صاحبى.. أدركت فداحة الكارثة التى يعيشها البؤساء من أصحاب المعاشات.. وقد رغبت فى أن أترك لواحد منهم.. يحكى لنا مأساته بعد إحالته للتقاعد!

فقد كان صاحبنا أحد المشاهير.. فى مجال عمله.. وكان يشار له بالبنان.. وكان يتقاضى من عمله مرتبًا.. يتجاوز الثمانية آلاف جنيه.. كانت كافية إلى حد كبير.. فى أن يعيش مستوراً هو وزوجته.. وأولاده الثلاثة، ولدان وبنت وحيدة!


وتمر الأيام بصاحبنا.. وسرقته السنون دون أن يعمل أى حساب للزمن.. يعنى بالبلدى كده.. مقضيها يوم بيوم.. زى أغلب المصريين!


حتى حانت اللحظة التى لا مفر منها.. وفوجئ الرجل بمسئول شئون العاملين.. يبلغه بخروجه إلى المعاش.. مع مكافأة مالية صغيرة.. لا تناسب عمله لأكثر من 35 سنة فى مجاله.. ومع ذلك شكر الله وحمده!


ولكن مع بداية الشهر التالى.. ذهب لقبض معاشه.. وهنا هبطت عليه المفاجأة.. والتى هوت على رأسه كالصاعقة.. فقد فوجئ حين تسلم معاشه.. أن كل ما تسلمه من معاش.. لم يزد على ألف وثلاثمائة جنيه فقط لا غير!


احتار الرجل.. ووقع فى حيص بيص كما يقولون.. فكيف يدبر شئون أسرته.. وهو الذى كان يتقاضى.. أكثر من خمسة أضعاف هذا المبلغ.. وتحديداً أكثر من ثمانية آلاف جنيه!

ولكن ماذا يفعل.. ما باليد حيلة.. خاصة وأنه علم أن هذا هو معاش معظم موظفى الدولة.. سواء أكانوا حكومة أو قطاع خاص.. سواء كانوا من صغار الموظفين.. أو حتى من كبارهم!


بدأ صاحبنا يسحب من قيمة مكافأة نهاية الخدمة.. شيئاً فشيئاً خاصة وقد تكالبت عليه الأمراض.. وتزايدت أسعار أدويته.. حتى تبخرت مكافأة نهاية خدمته.. فى أقل من عامين.. وأصبح لا يمتلك إلا قيمة المعاش!


وهنا ضاقت عليه الدنيا بما رحبت.. وبحث عن حل لأزمته المالية.. خاصة بعد أن افترسه غول غلاء الأسعار.. وأصبح الفقر يحاصره من كل جانب.. خاصة وأن ظروفه الصحية لم تسمح له.. بأى عمل آخر!


بحث الرجل فى حل للأزمة.. فلم يجد بداً من بيع الشقة التى تؤويه هو وأولاده.. لينتقل لمكان أقل.. وشقة ضيقة.. لكنها لم تكن أكثر ضيقًا من حاله البائس. . كل ذلك حتى يدبر قيمة سيارة ليعمل عليها ابنه.. الطالب الجامعى كسائق تاكسى «أوبر».

لكن للأسف فشلت التجربة.. بعد أن عجز الابن عن التوفيق بين دراسته.. والعمل على السيارة!


والآن صاحبنا يعيش سجيناً.. داخل جدران بيته.. لا يمتلك إلا رفع يديه الى السماء -ككل زملائه من أصحاب المعاشات- ليشكوا إلى ربهم مسئولين.. لا يراعون الله فى كبارهم وعجائزهم.. ليحفظوا لهم كرامتهم فى أيامهم الأخيرة.. بل عاملوهم بطريقة خيل الحكومة التى تكون مكافأتها بعد سنوات عملها الطويلة.. مجرد رصاصة فى الرأس!

عصام العبيدي -الوفد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق