بحث في هذه المدونة

السبت، 30 يونيو 2018

مأساة التأمين الصحى للمعاشات.. «عقوبة» نهاية الخدمة

هل بعد مرور 60 عاما من العمر أو يزيد .. و بعد الاصابة بأمراض الضغط و السكر و القلب و العظام، وقضاء أجمل سنوات العمر فى خدمة وزارة أو مصلحة أو هيئة حكومية .. ، هل بعد هذا كله يكون الانسان فى حاجة إلى ما يبرر احتياجه لمعاملة إنسانية لائقة فى مستشفيات التأمين الصحى ؟! «الأهرام» زارت احد مستشفيات التأمين الصحى « عيادات ناصر الشاملة » بوسط القاهرة ، و رصدت منه المشاهد الآتية ، التى ربما يكون هناك ما هو أسوأ منها بكثير فى قلب العاصمة و فى أطراف المحافظات النائية.

مبنى مكون من أربعة طوابق على المريض الذى بلغ من العمر أرذله، أن يصعده مرتين أو ثلاثا فى الزيارة الواحدة ، مابين قطع تذكرة الكشف و التوجه إلى العيادة المختصة فى انتظار الطبيب الممارس، أو الاستشارى على حسب الحالة و الأدوية التى من المفترض أن يحصل عليها المريض . بمعنى أن أدوية أمراض القلب على سبيل المثال ، لا يمكن أن يقرها سوى الطبيب الاستشارى ، و بالتالى إن كان من حظ المريض العسر أنه لم يأت فى يوم زيارة الطبيب الاستشاري، فعليه أن يعيد الكرة و يزور المستشفى فى يوم آخر للحصول على العلاج الذى يحتاج إليه، و أصبح من قوانين المكان أنه لا يمكن للمريض إنجاز كل الخدمات التى يحتاج اليها فى يوم واحد، مثل اجراء فحص بالأشعة و عرضها على الطبيب.

صعود و نزول السلالم يبدو لمن هم فى سن المعاش كمهمة تسلق الجبال، و النزول من عليها خاصة أن الأمل فى استعمال المصعد الكهربائى شبه مفقود، لأنه لا يأتى إلا على فترات زمنية متباعدة، و لا يتسع لكل هذه الأعداد. خاصة أن السباق المحموم من أجل اللحاق بالأطباء و مواعيدهم لا يمنحهم الكثير من الوقت.

يوجد فى هذا المستشفى صيدليتان ، لكن لأغراض الصيانة و التجديدات فى احداهما ارتكز العمل على الأخري، فكان المشهد بائسا ، حيث وقف العشرات من أصحاب أمراض السن خارج الصيدلية المغلقة بباب حديدى كأبواب السجون ، رافعين أيديهم ببطاقات العلاج لعلّ أحدا من الصيادلة يلتقطها منهم ، بينما ظل الأطباء الصيادلة محجوزين فى الداخل، يعملون تحت ضغط رهيب يتسع فيه هامش الخطأ بنسبة كبيرة ، مما قد يضطر المريض لأن يعود مرة أخري، لأن هذا ليس هو علاجه الشهرى الذى تعود عليه.

على الرغم من وجود مقاعد للانتظار فى العيادات، و أمام الصيدلية إلا أنها لم تكن تكفى أبدا لكل هذه الأعداد من أصحاب الشعر الأبيض ، الذين جاءوا يتكئون على عكاكيزهم و أبنائهم ، و ربما أحفادهم طلبا لخدمة طبية كانت تخصم مستحقاتها منهم مقدما كل شهر ، عندما كانوا فى الخدمة. فترى العشرات مفترشين الأرض و السلالم فى انتظار سماع أسمائهم ليحصلوا على العلاج.

المستشفى يفتقر إلى أبسط الملامح التى يمكن أن يقدمها أى مكان خدمى لزائريه ، مثل المراحيض السليمة ، خاصة أن غالبيتهم من أصحاب مرض السكرى و لا يستطيعون تحمل غياب المراحيض وقتا طويلا.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق