بحث في هذه المدونة

الأحد، 29 أبريل 2018

مخاوف مشروعة.. وعدالة واجبة - سكينة فؤاد

البداية بالاحترام والإعزاز والإجلال لخير من أنجبت مصر من مقاتلين عظماء.. الذين قاتلوا الذين يواصلون القتال دفاعا عن وطن عظيم استهدف منذ فجر التاريخ ومازال.. بل توحشت وتضاعفت الأطماع والمخططات الدولية والإقليمية والداخلية.. المعلنة والخافية وبما يجعل حمايته واصطفاف أبنائه وتعظيم قواه فرائض إيمانية ووطنية وتحديات مصير ووجود تفرض أيضا معالجة كل ما يستدعى الألم والوجع ولا يحترم أرصدة الصبر والصمود الشعبى للملايين الذى كان وسيظل أول وأقوى عوامل قوة واستقرار وانتصار بلدهم.. 

هذه الحقائق يعرفها ويؤمن بها كل محب ومنتم واستعدناها فى احتفالاتنا بالذكرى السادسة والثلاثين لمعاركنا لتحرير سيناء.. ويبدو أن بعض مسئولينا لا يدركون هذه المخاطر والتحديات ويستهينون بها وبالحقوق الأصيلة للملايين الذين يمثلون الأرصدة الحقيقية ولا يبالون بقراءة ما يمتلئ به المشهد الوطنى من قلق ومخاوف فى مقدمتها ما سيترتب على الحصول على الدفعة الأخيرة من قرض صندوق النقد وضرورة استكمال شروطه فى رفع الباقى من الدعم على الكهرباء والمحروقات والمواصلات والمياه وما تعنيه من موجة غلاء جديدة تضاف إلى الموجات التى ارتبطت بدفعات القرض السابقة وجميع الآثار التى ترتبت وتحملوها من أجل استقرار بلدهم وعبورها للمخططات الشيطانية وبما يجعل إحساسهم أن إضافة أعباء جديدة من المستحيلات!!

لا أتواصل مع أى بشر طيب ومحب لبلاده ويكافح بشرف من أجل لقمة عيشه ولا صلة لهم بجماعات النهب أو الفساد أو المصالح التى لا تبالى بتحديات أو أزمات إلا ويحملوننى رسائل أمانة لإيصالها للقيادة التى يثقون فى أمانتها عليهم وباعتبارى كنت واحدة من الذين شرفوا بالوقوف فى المشهد العظيم لليلة إنقاذ مصر فى 3/7 بكل ما حملته من رموز لتحقيق آمالهم وطموحاتهم بعد استعادة ثورتهم ورغم اختلاف اقتصاديين مع سلامة إجراءات تطبيق الإصلاحات الاقتصادية وبما كان يمكن أن نخفف توابع الأزمة وضغوطها على حياتهم.

السادة المسئولون الذين خططوا ونفذوا زيادة رواتبهم ومكافآتهم ومعاشاتهم دون مبالاة بظروف الدولة والأزمات الاقتصادية وسعوا بجرأة نادرة لإيقاف حكم قضائى عادل بحق أصحاب المعاشات فى صرف 80% من علاواتهم الخمس الأخيرة ومن أموال تأميناتهم التى وصلت باعتراف مستشار وزيرة التضامن للتأمينات وكما كتبت الأسبوع الماضى أنه أعلن وصولها إلى 686 مليار جنيه منها 240 مليارا ببنك الاستثمار وحتى كتابة هذه السطور لم يعلن رد حول معرفة مصيرها ولماذا سعت الوزارة إلى وقف الحكم!! 

السادة المسئولون هل لم تتح لهم اشتغالاتهم بمصالحهم أن يدركوا ما فى المشهد الوطنى من قلق ومخاوف وإحساس بالقهر والتمييز وعدم القدرة على احتمال أعباء أو تكاليف اقتصادية جديدة لا بالنسبة فقط لأكثر من 9 ملايين ممن يعانون أزمات ومتاعب نهايات العمر والمعاشات شديدة التواضع ولكن أيضا لملايين المصريين ممن يعانون تواضع الدخول والتحاق أغلب أبناء الطبقة المتوسطة بالجموع الأكثر عذرا واحتياجا ومعاناة؟!!

ألم يحس هؤلاء السادة ما فى المشهد الوطنى من محاولات جماعات ومنظمات الكراهية والغدر وكل من أضرت أو هددت ثورة 30/6 نفوذهم أو سلطانهم أو ثرواتهم أو مفاسدهم ما يحاولون نشره من تشكيك وأكاذيب وادعاءات ونفخ فى نار الألم والمعاناة وتضخيم فيما هو قادم من أعباء وارتفاع لتكاليف الحياة!!

يمتلئ المشهد الوطنى بكل هذه التناقضات.. مخاوف وقلق محبين وحريصين على أمن واستقرار بلدهم وسط منطقة يعصف الخطر بكل شعوبها.. وسعى كارهين وتجار دماء وأذرع وذيول وتوابع للمخططات الاستعمارية والإرهابية لاستغلال المعاناة واستنفاد أرصدة الصبر وتعميق الاحساس بالألم وبالقادم من متغيرات وأعباء وتوابع وآثار عشرات السنين من الفساد والإفساد والذى لم يسرع النواب لغربلة القوانين التى تشرعنه وتيسره وتحميه كما طالب كثير من القانونيين لإيقاف الأرقام الخرافية من نزيف المال العام التى رغم الجهود الضخمة والمشكورة للرقابة الإدارية فالمؤكد أن ما يتم ضبطه من مليارات ضائعة فى مؤسسات الدولة لا تمثل نسبة تذكر لحقيقة ما يسرق وينهب ويضيع من أموال المصريين.. 

بالمصادفة أمامى فى عنوان لصحيفة الوطن 10 مارس 2018 العدل تستعيد مليارا و 12 مليون جنيه قيمة 124 طلب تصالح فى جرائم الاختلاس والتربح من المال العام خلال 3 سنوات!! وكتبت صحيفة الموجز 22 الحالى عن حرب الفساد والمليارات الضائعة فى وزارة الأوقاف والأرقام تقول إن استثمارات الهيئة وصلت إلى 500 مليار جنيه والوزير يحيل مخالفات رئيسها للمركزى للمحاسبات!! 

نموذج واحد أو اثنين من آلاف النماذج التى كانت مسارعة الحكومة إلى استصدار القوانين التى تحمى وترشد إدارة ثرواتها وملياراتها وتنوب عن جيوب المصريين الفارغة فى تحمل آثار وتوابع الأزمات الاقتصادية خاصة تلك التى يتخوفون منها ويرتعدون من آثارها مقدما.. الدفعة القادمة والأخيرة من قرض البنك الدولى وقيمتها 4 مليارات دولار.

ماذا إذا عرفنا أن هناك أكثر من مصدر لتخفيف الأعباء بل الاستغناء عما تبقى من الدين الملعون.. فى برنامج حوار الأسبوع مع الفضائية المصرية استمعت إلى رؤى ومقترحات مهمة من المستشار الاقتصادى المحترم معتصم راشد أن أموال التهرب الضريبى تتجاوز 450 مليار جنيه فإذا كانت الدفعة الثالثة من القرض أربعة مليارات دولار ألا يعنى هذا أن تحصيل هذه الأموال يغنينا عن دفعة ثالثة وأعباء جديدة تفوق قدرة احتمال المواطن؟!! تساءل المستشار الاقتصادى لماذا لا تطبق الحكومة الضرائب التصاعدية وهى الوسيلة الوحيدة لتحقيق العدالة الاجتماعية؟!

لا تسمح السطور المتبقية بعرض كل ما استمعت اليه من رؤى بالغة الأهمية تنضم إلى أكثر من الآراء الاقتصادية المحترمة وكلها تجمع عما لدى مصر من مصادر تمويل وإمكانات اقتصادية لا تحمل الملايين أعباء جديدة.. وأصدقكم القول إننى أحذر وأنبه إلى دعوة ورسالة استأمننى كثيرون عليها.. وهى ألا تحمل الأيام المقبلة أعباء وتكاليف اقتصادية جديدة.
 
 
الاهرام
 
 
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق