بحث في هذه المدونة

الاثنين، 18 يونيو 2018

هند العربي تكتب: وللإصلاحات طرق آخري !

جميعنا كان يأمل التغيير حتي ولو في أبسط الأمور التي تمس مصالح المواطن وليس الصب ضد مصلحته، دعونا مرارا وتكرارا وطالبنا بتشكيل حكومة جديدة وبعد أن طال التغيير وتحقق الحلم في وجود بعض الوجوه المضيئة التي تستحق تلك المناصب التي تعتليها الآن، إلا إنه يتضح ان التغيير ما لمس فقط إلا الوجوه وليس هذا الفكر الذي مازال يستنزف جيوب المواطنين من متوسطي الحال والذين تحولوا بطبيعة الحال ضمن فئة الفقراء!

فكنت أتمني مع قدوم حكومة جديدة لا تمكث إلا أيام قلائل أن يكون مقالي هذا إشادة لبعض اعمالها ومشروعاتها القادمة نحو البلاد ومن أجل مصلحة المواطن، وان كان مقالي هذا ليس بالهجومي ضد أشخاص بعينها غير أنه توضيح بسيط تجاه آخر قرار خاص بشأن رفع أسعار المحروقات وبدء خارطة تنفيذها، مع اني أود أوجه الشكر إلى سيادة الريس عبدالفتاح السيسي بشأن العفو الرئاسي عن الغارمات بمناسبة عيد الفطر، تلك اللافتة التي تزيد من رصيده، إلا أن جاء ما يعكر صفو فرحتنا بعد القرار الأخير بشأن إرتفاع المحروقات، فما كان للحكومة الجديدة في أولي قرارتها إلا أن ترفع سعر البنزين والسولار والبوتوجاز، والسؤال إذن لماذا قمنا بتغيير الحكومة القديمة !؟

ومن خلال قراءة سريعة للزيادة فى أسعار الوقود يتبين بوضوح ان الزيادة جاءت ضارة أكثر للطبقات المنعدمة والمتوسطة علي خلاف طبقة الأغنياء، وبنزين 80 والسولار الذي يعتمد عليهما غالبية المواطنين، تلك الزيادة التي تساوى تقريبا 51% عن بنزين 80، والتي سيترتب عليها بالطبع إرتفاع تعريفة وسائل التنقل الآخري "الميكروباص والميني باص" وغيرهم وهو ما حدث بالفعل فور البدء بتطبيق قرار الزيادة، وعلى عكس تلك الزيادة والتي نالت الشريحة التانية بنزين 92 جاءت لتمثل الزيادة 35%، إلا أن الأمر اختلف كثيرا بالنسبة للشريحة الثالثة وحقق بنزين 95 زيادة حوالي 17% فقط !! وبنرين 80 الذي يعتمد عليه كل وسائل المواصلات ونقل البضائع من الأسواق الي التجار وهذا قد يتسبب في رفع الأسعار بطريقة كبيرة مما يؤدي الي حالة من التوترات، ومن المؤسف أن تلك الزيادة التى أقرها مجلس الوزراء لن تكون على منتجات البترول فحسب، بل ستشمل السلع والمنتجات التى ترتبط بارتفاع سعر النقل، وإرتفاع سعر رغيف الخبز في المخابز، وإرتفاع في المواد الزراعية والمحاصيل لأن السولار هو المصدر الأساسي لعملية الري.

فالمواطن هو المتحمل الكامل لجميع قرارات الحكومة، وعلي الأخيرة ان يحدث بينها وبين المجتمع المدني المتمثل في الأحزاب والجمعيات الأهلية والنقابات والنخب السياسية حالة نقاشية، إلا أن هذا الأمر مفقودا في المجتمع المصري، فلا نقاش ولا حوار ولا كيانات سياسية او مجتمعي قوي يعبر عن المجتمع وهذا ما يجعله بدوره يؤثر على الإستقرار السياسي في مصر لأنه هو القادر على توصيل طلبات المجتمع وكيفية تحمل نتيجة قرارات حكومة التي تصدرها ولها تكلفة والمتحمل هذه التكلفة لا يدري عن هذه القرارات اي شئ، وهي خطوة غير مستحسنة فلابد من حالة من الشفافية من الحكومة الي المواطنين وحدوث حالة من التواصل بين الحكومة والمجتمع المدني لتوصيل هذه المعلومات الي المواطن البسيط وكيفية إيجاد البديل، وفي هذه اللحظة لابد أن يكون علي المجتمع المدني دورا وهو ان يطرح حل بديل لرفع الأسعار، خاصة ان الدولة المصرية حاليا في طريق لا رجعة فيه من رفع الدعم .

وكما يري المسئولون ان قرار رفع الدعم وزيادة الأسعار ضرورة قصوى لتفادي الديون المتراكمة وسد فوائد قرض البنك الدولي كان لزاما أن تتناسب هذه الزيادات مع دخول المواطنين، لا أن تترك رواتبهم الضعيفة والمنعدمة أمام شبح الأسعار الذي يفسد عليهم كل فرحة ولم يتأني وينتظر حتي يعكر صفو ليالي عيد الفطر المبارك، أو ان تعطي لمحدوي الدخل أصحاب المعاشات وكبار السن تعويضات علي ما هو سوف يكون عليه من رفع الأسعار أو زيادة المعاشات والمرتبات لمحدوي الدخل حتي يكونوا قادرين علي هذه الزيادة، وإن كنت ارجح حيازتهم كروت ذكية لركوب الموصلات بتخفيضات في أسعار التذاكر مثال المترو، وتخفيضات السلع في المجمعات الاستهلاكية بحيث يتحمل إرتفاع الأسعار أصحاب الدخول المرتفعة، وتعويض محدوي الدخل بطريقة إلكترونية في مجابهة الأسعار كبديل يحميهم من غول الأسعار.

وإذا كان إرتفاع أسعار المواد البترولية مرتبط بالدعم المادي التي تقدمه الدولة حول سلعة معينة وكان يجب ان يتبع عدة أمور في هذه المواقف عالميا واقتصاديا، وإذا كان التضخم وتبعياته ودعم السلع مؤثر علي الميزانية ومصر تعمل بطريقة المديونية السنوية وتراكم الديون عبر سنوات، وإن كان السبب وراء رفع الدعم هو أحد أهم شروط قرض البنك الدولي، فلا يجب ان ننسي انه ليس من المنصف أن يكون العبء الكبير علي الجيل الحالي ليدفع ثمن فساد واصلاحات اقتصادية تأخرت لأكثر من ثلاثين عاما مضي!!

وإن كنت اعتقد انه كان من الأفضل تأجيل هذا القرار لحين تحسين الوضع الإقتصادي للمواطنين الذين اصبحوا غير قادرين علي أي زيادة أخرى خصوصًا ان هذه الزيادة تقع علي كافة مستلزمات الأسرة والمجتمع وتؤدي الي إرتفاع كافة وسائل المواصلات المختلفة، ونحن في فترة صعبة والمواطن غير عن متحمل الزيادات المتتالية مع ضعف المرتبات في حين ان الأغنياء لم يصيبهم اي ضرر من هذا الإرتفاع، وفي الوقت الذي لا نري فيه أي رد من مجلس نواب غير نائب عن الشعب، أو اتخاذ أي قرار يحمي حقوق المواطنين ويخفف من اعبائه المعيشية.

فكلمة اخيرة... إن كان يجب على الحكومة أن تسد العجز في الميزانية، فهناك عدة طرق بديلة منها: إنخفاض مرتبات الوزراء والنواب والذين يعملون في الهيئات الحكومية التي وصلت الي الآلاف أو زيادة الضرائب علي الأغنياء او المصانع التي تستخدم المواد البترولية، أو ان تأخذ بالنظم الإقتصادية العالمية التى تطبقها الدول الأوربية وأمريكا مثل الضريبة التصاعدية، تلك الضريبة التي تطبق علي المستثمرين وأصحاب الشركات والتي ترتفع بنسبة دخل المستثمر، أو عن طريق الضريبة على الأرباح الرأسمالية فى البورصة، أو أن تكافح التهرب الضريبى وجشع التجار، وأن كان لزاما رفع الدعم علي المحروقات كان من الأفضل أن يكون سعر بنزين 95 أعلي من سعر التكلفة لا بنزين 80 "وقود الغلابة"، وإن كان لزاما رفع أسعار فواتير المياة والكهرباء كان من المنصف أن يتم رفع أسعار تلك الفواتير لأصحاب الكمباوندات وسكان القرى السياحية لا الفقراء ومحدودي الدخل وسكان المناطق الشعبية والعشوائيات، أي بمعني آخر إيجاد حلول بديلة غير انها تمس المواطن البسيط الذي يعاني من كافة مصاعب الحياة، فكان لزاما علي الحكومة الجديدة ان تقف بجوار الفقراء لا أن تصدر قرارات من شأنها ان تساهم في هدم محدوي الدخل وتخدم الطبقة العالية ؛؛؛ فالإصلاح لا يأتي من "جيب المواطن"، وللإصلاحات طرق اخري، وان كان مازال بداخلي الأمل أن يتم إتخاذ إجراءات في صالح المواطنين من قبل حكومة نستبشر بوجوه بعضها من ذو أصحاب الكفاءات والقدرات.
 

صدى البلد

 

 

 
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق