بعيدا عن احاديث المعاش المستفزة وحواراته الممجوجة وفلوسه وقيمتها السخيفة
والتخريجات الهزيلة الرديئة التي تصيبك بالدوار وتدفعك لتحسس أي شيء الا
عقلك. كانت تجري علي الضفة الاخري من النهر مناقشات جادة علمية رصينة في
الارتقاء بعلوم وفنون التعامل مع المسنين في محاولات جادة لتأسيس وترسيخ
منهج حضاري يليق بالكبار.. الكبار قامة ومقاما وسنا للخروج بهم من الدائرة
الجهنمية التي قد يتعرض لها الكثيرون حين يفاجأو بأحاسيس ومشاعر ومعاملات
ايضا بانهم خارج الزمن واطار الحياة في انتظار ان يقضي الله أمرا كان
مفعولا وفي احيان اخري محبوسون داخل اسوار او جدران مؤسسة ما.. يسمونها دار
المسنين وهي أقرب الي دار عقاب بدلا من التكريم والتتويج.
ولعل من نافلة القول ان نذكر بان المصريين القدماء منذ العهود السحيقة للفراعنة كان هناك اهتمام كبير ومذهل بالكبار وفي زمن بتاح حتب عرف المصريون الشيخوخة السعيدة والتي كان يصحبها سعة في العيش وتوفير اسباب السعادة ومن بينها ان الكبير كان يقرب من الملك ويصل الي مرتبة "ايماخو" وهو الشخص المحترم يقول علماء المصريات كثيرا ما كان الملك يوافق علي ان يمنح صاحب هذه السن قبرا جميلا!
حقيقة مهمة لابد من التأكيد عليها وهي ان مصر لم تفرط ابدا في شيوخها علي مر التاريخ حتي في عصور الانحلال والانحطاط ولا يزال الكبير محل تقدير واهتمام سواء كان ذلك استجابة للوازع الديني أو للاخلاق المصرية الاصيلة وهو امر يؤكده الواقع ومجريات الحياة التي تعكس حقيقة الحب والترابط الاسري والاجتماعي وروح الحكمة.
مناقشات مهمة احتضنها المؤتمر العلمي الثاني لمعهد علوم المسنين بجامعة بني سويف برئاسة الدكتور ياسر سيف عميد معهد علوم المسنين تحت رعاية الدكتورمنصور حسن رئيس الجامعة. للاسف المؤتمر واعماله لم تحظ بتغطية اعلامية كافية او واجبة تعكس اهمية القضية في المجتمع المعاصر ليس في مصر وحدها ولكن في العالم العربي.
هنا لابد ان اسجل بكل تقدير الدور الكبير الذي قام به الراحل العظيم الدكتور سيد سيف العميد الاسبق للمعهد القومي لطب العيون فقد خاض حروبا ضروسة من اجل تغيير النظرة القاصرة تجاه المسنين خاصة وانهم فئة مهمة ورقم صعب لايمكن ان تخطئوهم عين او يتجاهلهم اعمي او أحمق. وله الفضل في وضع وتأسيس المناهج العلمية لمعهد علوم المسنين في المراحل الاولي ورعاية الفكرة حتي ظهرت مؤخرا الي النور في بني سويف بعد ان فعلت جامعة القاهرة مع الفكرة والمشروع الافاعيل حتي كاد بعض من قاصري النظر معدومي الرؤية ان يجهضون الفكرة والمشروع وحتي خسرته القاهرة الجامعة. ومن محاسن الصدف واعاجيب القدر ان يتولي المهمة ويحرس الراية احد ابناء الدكتور سيد المخلصين البارين بابيهم الدكتور ياسر سيف وهو حاليا عميد المعهد.
المؤتمر ناقش علي مدي ثلاثة ايام قضايا مهمة علي صعيد الارتقاء بالمسنين ووضعهم المستقبلي تحت عنوان."المسنون تاج علي رءوسنا .. التحديات والمستجدات" وتعرض للعديد من المحاور المهمة من أبرزها توضيح مفاهيم وأسس عملية الرعاية المتكاملة للمسنين علي المستويات الطبية والنفسية والاجتماعية والقانونية والتركيز علي مدي الاهتمام الذي توليه الأديان السماوية والقيم المجتمعية لفئة كبار السن وتوضيح أفضل الوسائل لتفعيل دورهم ودمجهم في المجتمع.
كما جري استعراض برامج التدخل المبكر والإرشاد النفسي والصحي والطبي والاجتماعي وطرح المكتشفات العلمية في مجال رعاية المسنين وكذلك أنماط الحياة الصحية السليمة علاوة علي استعراض التجارب العربية والعالمية في مجال العناية بالمسنين والخطوات الوقائية للمقبلين علي مرحلة المسنين.
من اهم وابرز النتائج التي توصل اليها المؤتمر التوصية بانشاء قرية خاصة بالمسنين وهي فكرة رائعة ابدي المهندس شريف حبيب محافظ بني سويف الاستعداد الكامل للتعاون مع الجامعة خاصة معهد علوم المسنين بكوادره العلمية الكبيرة لتبنيها ورعايتها من خلال تقديم أوجه الدعم الممكن لإقامة القرية علي أرض المحافظة لتقديم كافة أوجه الرعاية لهذه الفئة الهامة من المجتمع لتشمل الخدمات الأساسية والخدمات الترفيهية المتكاملة وهي مهمة لابد أن يتضافر كل المجتمع من مؤسسات أهلية وتطوعية وقطاع خاص وكوادر بحثية وعلمية وشباب لانجاز الفكرة الرائعة وخروجها إلي حيز التنفيذ في صورة مشروع متكامل.
فكرة قرية او مدينة المسنين مهمة للغاية خاصة اذا علمنا ان كثيرا من ارباب المعاشات ممن استغرقهم العمل ولم يفكروا للحظة فيما بعد المعاش او الخروج من الخدمة ولم تكن لهم مشروعاتهم الخاصة التي تشغل حياتهم وتملأ فراغهم او الذين لا يعرفون كيف يقضون وقت الفراغ ولم يتعودوا علي برامج الترفيه والرحلات والسياحة وغيرها ..
اتذكر ان هذه كانت واحدة من أفكار الدكتور سيد سيف رحمه الله واذكر انه حدثني بضرورة وجود مصايف خاصة للمسنين اماكن دائمة في مطروح والساحل الشمالي وكان متحمسا بشدة لذلك ..اماكن تسمح بوجود ومشاركة الكبار ومن هم علي مقربة من المعاش وبعض الشباب من المتطوعين ومحبي العمل العام والاجتماعي حتي يعيش الجميع حياة طبيعية ويحدث التفاعل الطبيعي وتنكسر حدة العزلة عند البعض.
مبادرة قرية او مدينة المسنين خطوة رائعة لابد من البناء عليها وتطويرها ودعمها في كل المحافظات خاصة وان نسبة الكبار في مصر ليست قليلة فوفقا لما أعلن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء يبلغ عدد المسنين في مصر وفقا لتقديرات السكان حتي يوليو الماضي 6.4 مليون مسن منهم 3.15 مليون ذكور و3.21 مليون إناث بنسبة 6.9% من إجمالي السكان 6.7% ذكور. 7.1%پ إناث ومــن المتوقــع ارتفاع هــذه النسبة إلي 11.5% عام 2031
الزيادة المضطردة في اعداد الكبار تفرض ضرورة ان يقابلها اهتمام متزايد ومتصاعد في طرق البحث عن حياة سعيدة ليس فقط للكبار ولكن لكل ابناء مصر.
مجاهد خلف - الجمهورية
ولعل من نافلة القول ان نذكر بان المصريين القدماء منذ العهود السحيقة للفراعنة كان هناك اهتمام كبير ومذهل بالكبار وفي زمن بتاح حتب عرف المصريون الشيخوخة السعيدة والتي كان يصحبها سعة في العيش وتوفير اسباب السعادة ومن بينها ان الكبير كان يقرب من الملك ويصل الي مرتبة "ايماخو" وهو الشخص المحترم يقول علماء المصريات كثيرا ما كان الملك يوافق علي ان يمنح صاحب هذه السن قبرا جميلا!
حقيقة مهمة لابد من التأكيد عليها وهي ان مصر لم تفرط ابدا في شيوخها علي مر التاريخ حتي في عصور الانحلال والانحطاط ولا يزال الكبير محل تقدير واهتمام سواء كان ذلك استجابة للوازع الديني أو للاخلاق المصرية الاصيلة وهو امر يؤكده الواقع ومجريات الحياة التي تعكس حقيقة الحب والترابط الاسري والاجتماعي وروح الحكمة.
مناقشات مهمة احتضنها المؤتمر العلمي الثاني لمعهد علوم المسنين بجامعة بني سويف برئاسة الدكتور ياسر سيف عميد معهد علوم المسنين تحت رعاية الدكتورمنصور حسن رئيس الجامعة. للاسف المؤتمر واعماله لم تحظ بتغطية اعلامية كافية او واجبة تعكس اهمية القضية في المجتمع المعاصر ليس في مصر وحدها ولكن في العالم العربي.
هنا لابد ان اسجل بكل تقدير الدور الكبير الذي قام به الراحل العظيم الدكتور سيد سيف العميد الاسبق للمعهد القومي لطب العيون فقد خاض حروبا ضروسة من اجل تغيير النظرة القاصرة تجاه المسنين خاصة وانهم فئة مهمة ورقم صعب لايمكن ان تخطئوهم عين او يتجاهلهم اعمي او أحمق. وله الفضل في وضع وتأسيس المناهج العلمية لمعهد علوم المسنين في المراحل الاولي ورعاية الفكرة حتي ظهرت مؤخرا الي النور في بني سويف بعد ان فعلت جامعة القاهرة مع الفكرة والمشروع الافاعيل حتي كاد بعض من قاصري النظر معدومي الرؤية ان يجهضون الفكرة والمشروع وحتي خسرته القاهرة الجامعة. ومن محاسن الصدف واعاجيب القدر ان يتولي المهمة ويحرس الراية احد ابناء الدكتور سيد المخلصين البارين بابيهم الدكتور ياسر سيف وهو حاليا عميد المعهد.
المؤتمر ناقش علي مدي ثلاثة ايام قضايا مهمة علي صعيد الارتقاء بالمسنين ووضعهم المستقبلي تحت عنوان."المسنون تاج علي رءوسنا .. التحديات والمستجدات" وتعرض للعديد من المحاور المهمة من أبرزها توضيح مفاهيم وأسس عملية الرعاية المتكاملة للمسنين علي المستويات الطبية والنفسية والاجتماعية والقانونية والتركيز علي مدي الاهتمام الذي توليه الأديان السماوية والقيم المجتمعية لفئة كبار السن وتوضيح أفضل الوسائل لتفعيل دورهم ودمجهم في المجتمع.
كما جري استعراض برامج التدخل المبكر والإرشاد النفسي والصحي والطبي والاجتماعي وطرح المكتشفات العلمية في مجال رعاية المسنين وكذلك أنماط الحياة الصحية السليمة علاوة علي استعراض التجارب العربية والعالمية في مجال العناية بالمسنين والخطوات الوقائية للمقبلين علي مرحلة المسنين.
من اهم وابرز النتائج التي توصل اليها المؤتمر التوصية بانشاء قرية خاصة بالمسنين وهي فكرة رائعة ابدي المهندس شريف حبيب محافظ بني سويف الاستعداد الكامل للتعاون مع الجامعة خاصة معهد علوم المسنين بكوادره العلمية الكبيرة لتبنيها ورعايتها من خلال تقديم أوجه الدعم الممكن لإقامة القرية علي أرض المحافظة لتقديم كافة أوجه الرعاية لهذه الفئة الهامة من المجتمع لتشمل الخدمات الأساسية والخدمات الترفيهية المتكاملة وهي مهمة لابد أن يتضافر كل المجتمع من مؤسسات أهلية وتطوعية وقطاع خاص وكوادر بحثية وعلمية وشباب لانجاز الفكرة الرائعة وخروجها إلي حيز التنفيذ في صورة مشروع متكامل.
فكرة قرية او مدينة المسنين مهمة للغاية خاصة اذا علمنا ان كثيرا من ارباب المعاشات ممن استغرقهم العمل ولم يفكروا للحظة فيما بعد المعاش او الخروج من الخدمة ولم تكن لهم مشروعاتهم الخاصة التي تشغل حياتهم وتملأ فراغهم او الذين لا يعرفون كيف يقضون وقت الفراغ ولم يتعودوا علي برامج الترفيه والرحلات والسياحة وغيرها ..
اتذكر ان هذه كانت واحدة من أفكار الدكتور سيد سيف رحمه الله واذكر انه حدثني بضرورة وجود مصايف خاصة للمسنين اماكن دائمة في مطروح والساحل الشمالي وكان متحمسا بشدة لذلك ..اماكن تسمح بوجود ومشاركة الكبار ومن هم علي مقربة من المعاش وبعض الشباب من المتطوعين ومحبي العمل العام والاجتماعي حتي يعيش الجميع حياة طبيعية ويحدث التفاعل الطبيعي وتنكسر حدة العزلة عند البعض.
مبادرة قرية او مدينة المسنين خطوة رائعة لابد من البناء عليها وتطويرها ودعمها في كل المحافظات خاصة وان نسبة الكبار في مصر ليست قليلة فوفقا لما أعلن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء يبلغ عدد المسنين في مصر وفقا لتقديرات السكان حتي يوليو الماضي 6.4 مليون مسن منهم 3.15 مليون ذكور و3.21 مليون إناث بنسبة 6.9% من إجمالي السكان 6.7% ذكور. 7.1%پ إناث ومــن المتوقــع ارتفاع هــذه النسبة إلي 11.5% عام 2031
الزيادة المضطردة في اعداد الكبار تفرض ضرورة ان يقابلها اهتمام متزايد ومتصاعد في طرق البحث عن حياة سعيدة ليس فقط للكبار ولكن لكل ابناء مصر.
مجاهد خلف - الجمهورية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق