بحث في هذه المدونة

الأربعاء، 2 مايو 2018

ضد التيار: البحث عن العدالة فى قوانين الحكومة

أما وقد وجدت الحكومة فى الميزانية ما يوفر لها زيادة رواتب بنسبة 60% ومعاشات بنسبة 30% للوزراء، فلم يعد مقبولاً أن تقول لنا من أين أمول، ذلك عند المطالبة بالحقوق لغير الوزراء والمسئولين. وعليها وحدها أن تتحمل نتائج المعالجة الجزئية لقضية الرواتب والأجور، التى باتت تعكس بما لايدع مجالاً للشك انحيازها للقادرين والأغنياء الذين يحوزن على النسبة الأكبر من عدد النواب الذين يتصدرون للدفاع عنهم، واستصدار القوانين لصالحهم، وعجزها عن إدارة متوازنة لمواردها بما يحقق الاستجابة لحقوق كل الفئات الاجتماعية الأكثر احتياجًا، وهم أغلبية الشعب المصرى. 

هذا برغم ما هو معروف من أن عددًا من الوزراء وكبار رجال الحكومة وكبار مسئوليها هم أعضاء فى مجالس إدارات الصناديق الخاصة، والشركات القابضة حيث يتقاضون سنويًا مئات الآلاف من الجنيهات كبدلات. وحتى لوسلمنا جدلاً أن قانون رفع الرواتب والمعاشات للوزراء، الذى أثار تصديق الرئيس السيسى عليه، غضب الناس وسخطهم، هو تقنين لوضع قائم فعلاً كما تقول الحكومة، وأنه لن يطبق بأثر رجعى، لأن ذلك – وفقًا لما تقول – كان يتطلب الموافقة عليه بالنداء بالاسم على كل نائب فى البرلمان، وهو ما لم يحدث، فإن عليها أن تبادر على الفور بالاستجابة لمطالب عادلة لأصحاب المعاشات البالغ عددهم 9 ملايين مواطن.وطبقًا لإحصاءات وزارة التضامن فقد بلغت قيمة أموال التأمينات 755 مليار جنيه تم استثمار 2% من قيمتها فى البورصة وحققت عوائد عالية، فما الذى يحول دون الاستجابة لطلبهم العادل فى الحصول على 80% من قيمة العلاوات المتأخرة، لاسيما والمادة 17 من الدستور تنص على أن أموال التأمينات والمعاشات أموال خاصة تتمتع بجميع أوجه الحماية للأموال العامة، وهى وعوائدها حق للمستفدين منها، كما تقضى نفس المادة بالاستثمار الآمن لها، وتطالب بهيئة مستقلة تديرها.

ولا نريد بعد ذلك من أحد أن يقول لنا من أين نأتى بالمال؟ حتى لا نقول له من أموال أصحاب المعاشات التى لا يريد مسئول أن يجيبهم أين ذهبت، ومن فرض ضرائب على الأرباح الاستثمارية فى البورصة التى تراجعت الحكومة عن تنفيذها، ومن تحصيل ضرائب على الإسكان الفاخر والأراضى المستصلحة، ومن فرض ضريبة تصاعدية على الدخل، ومن وقف الانفاق الترفى والسفيه فى الإدارات الحكومية، ومن سد الثغرات التى تسمح بالتهرب الضريبيى. 

لا تقولوا لنا من أين نمول 80%من قيمة العلاوات المتأخرة لأصحاب المعاشات، والحكومة تطعن على حكم قضائى يلزمها بالدفع من أموالهم، لأننا سنقول لهم من نفس المكان الذى وجدتم فيه فى الموازنة العامة للدولة أموالاً لزيادة رواتب ومعاشات الوزراء.

لم يعد ممكنًا مع إصدار هذا القانون والتصديق عليه، أن يستمر خطاب دعوة من لا يملكون بالصبر على الصعوبات والتحديات التى تواجه البلاد، لأنهم لم يجدوا حقًا من يحنو عليهم، ويلبى لهم جزءًا من حقوقهم المشروعة، فقط لأن لا صوت لهم فى البرلمان، يضغط على الحكومة، ويجبرها على أن تنصت بجدية لحقوق الفقراء العاجزين عن مواصلة الحياة بكرامة، كما تستجيب باريحية لمطالب الأغنياء والقادرين.

سياسات العدل الاجتماعى ليست منحة من أحد، فهى حق يقره الدستور الذى تعمل السلطة التشريعية بعيدًا عن بنوده وقواعده، وغض الطرف عن ذلك واستمراء تجاهل الحقوق الاجتماعية الى يكفلها الدستور لعموم المصريين، هى مقامرة غير محسوبة النتائج، وعلى من يقوم بها ويشجع عليها أن يتحمل نتائجها الكارثية.
 
 
أمينة النقاش   - الاهالي




 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق