بحث في هذه المدونة

الاثنين، 14 مايو 2018

الأسرار الممنوعة فى ملف زيادة مرتبات ومعاشات الوزراء (1)

فى نفس هذا المكان  انفردت – وبكل تواضع -  فى الأول من  مارس عام 2017 بنشر مقال بعنوان "  صفقة مشبوهة بين مجلس النواب والحكومة  لتمرير قانون زيادة رواتب الوزراء والمحافظين وكبار رجال الدولة " والذى كشفت فيه صراحة أنه ستتم زيادة مرتبات ومعاشات  الوزراء والمحافظين  ونوابهم وكذلك رئيسى مجلس الوزراء والنواب . 

هذا المقال المشار اليه بدأته حرفيا بجملة " قد يتصور البعض أن التصريحات التى أدلى بها جبالى المراغى رئيس لجنة القوى العاملة بمجلس النواب، والتى أكد فيها أن اللجنة قررت إعادة مشروع قانون زيادة رواتب ومعاشات الوزراء والمحافظين ونوابهم إلى الحكومة معناها أن هذا الملف قد أغلق ب ( الضبة والمفتاح ) أو أنه لا توجد صفقة بين الحكومة والبرلمان فى هذا الشأن .

وقلت ردا على تصريحات المراغى التى قال فيها حرفيا : "كلنا فى اللجنة رفضنا هذا المشروع المقدم من الحكومة وقررنا إرجاعه للحكومة، لذلك أجلت اللجنة مناقشته"، مستطردًا : "مفيش وقت حاليًا فى ظل الظروف الاقتصادية الصعبة إننا نوافق على زيادة مرتبات ومعاشات الوزراء، وطالما رفضناه أفضل أن تسحبه الحكومة، مثلما حدث فى القرار بقانون رقم 18 لسنة 2015 الخاص بقانون الخدمة المدنية الذى رفضه مجلس النواب فى بداية انعقاده يناير 2016، وبعدها سحبته الحكومة واستجابت لمطالب النواب. 

وهنا نسأل : وما الذى حدث بعد ذلك فى قانون الخدمة المدنية ؟ والإجابة أنه تمت إعادته مرة آخرى للمجلس فى نفس دور الإنعقاد السابق ( بالمخالفة للدستور الذى يحظر إعادة مشروع قانون سبق رفضه فى نفس دور الإنعقاد ) وتم تمريره بعد إجراء تعديلات شكلية ،  وهو نفس السيناريو الذى نتوقع تكراره فى مشروع قانون زيادة مرتبات الوزراء والمحافظين وكبار رجال الدولة .

أردت الإستشهاد بهذا المقال للتأكيد على انفرادنا الذى تحدينا به الحكومة والبرلمان بأن هذا القانون سوف يصدر ، وبمناسبة الجدل الكبير الذى أحدثه تصديق الرئيس عبد الفتاح السيسى  - يوم الأربعاء الماضى - على  القانون رقم 28 لسنة 2018 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 100 لسنة 1987 بشأن تحديد مرتبات  نائب رئيس الجمهورية ورئيسى مجلسى النواب والشورى، ورئيس مجلس الوزراء ونوابه والوزراء.

ونصت المادة الأولى من القانون على أن: تستبدل بعبارة "تحديد مرتبات نائب رئيس الجمهورية ورئيسى مجلسى الشعب والشورى ورئيس مجلس الوزراء ونوابه الوزراء "عبارة " تحديد المعاملة المالية لرئيس مجلس النواب ورئيس مجلس الوزراء وأعضاء الحكومة والمحافظين ونوابهم "الواردة فى عنوان القانون رقم 100 لسنة 1987 بشأن تحديد مرتبات نائب رئيس الجمهورية ورئيسى مجلسى الشعب والشورى ورئيس مجلس الوزراء ونوابه الوزراء وأينما وردت فى أى قانون آخر .

وجاءت المادة الثانية من القانون: يستبدل بنصوص المواد ( الثانية والثالثة والرابعة والخامسة ) من القانون رقم 100 لسنة 1987 المشار إليه النصوص الآتية :
المادة الثانية: يتقاضى كل من رئيس مجلس النواب ورئيس مجلس الوزراء شهرياً وبحسب الأحوال مكافأة أو مرتبا يعادل صافيه الحد الأقصى للأجور، وهما متساويان فى الحقوق والمزايا الأخرى .

وتضمنت المادة الثالثة : يتقاضى كل من نواب رئيس مجلس الوزراء والوزراء والمحافظين مرتباً شهرياً يعادل صافيه الحد الأقصى للأجور .

ونصت المادة المادة الرابعة علي أن : يتقاضي نواب الوزراء ونواب المحافظين مرتباً شهرياً يعادل صافيه 90% من الحد الاقصي للاجور .

والمادة الخامسة : تتحمل الخزانة العامة للدولة أعباء تطبيق هذا القانون ولا تخضع المعاشات المنصوص عليها فيه لأي ضرائب أو رسوم .

وجاءت المادة الثالثة مِن القانون: تضاف مادتان جديدتان برقمى "الرابعة مكرراً والخامسة مكرراً" إلى القانون رقم 100 لسنة 1987 المشار إليه نصهما الآتي:

فى هذا السياق أتوقف أمام بعض الملاحظات السريعة على تلك التعديلات التشريعية الجديدة ،والبداية ستكون مع الفقرة الثانية والتى نصت على أن  " المادة الثانية : " يتقاضى كل من رئيس مجلس النواب ورئيس مجلس الوزراء شهرياً وبحسب الأحوال مكافأة أو مرتبا يعادل صافيه الحد الأقصى للأجور، وهما متساويان فى الحقوق والمزايا الأخرى " . 

وهنا نسأل : ما طبيعة الحقوق والمزايا الآخرى المنصوص عليها فى هذه المادة ؟ وما قيمتها المالية ؟ وهل تعنى أن هناك مستحقات مالية آخرى يستحقها كل من رئيس البرلمان ورئيس الحكومة تتجاوز قيمة الحد الأقصى للأجور وهو 42 ألف جنيه حالياً ؟.

وفيما يتعلق بالمادة الرابعة مكررا: تستحق الفئات المشار اليها في المواد "الثانية والثالثة والرابعة" من هذا القانون معاشا شهرياً يعادل 80% من راتب أو مكافأة كل منهم في تاريخ انتهاء شغل المنصب، ولا ينتفع بأحكام هذه المادة إلا مرة واحدة فقط. وفِى حالة وفاة صاحب المعاش يكون للمستحقين عنه الحق فى تقاضي معاشه، وذلك وفقاً للأنصبة الواردة في القوانين التي تنظم التأمينات الاجتماعية والمعاشات، ويتم الجمع بين المعاش المقرر وفقاً لاحكام هذا القانون وأي معاش مقرر بموجب أى قانون آخر "  

وهنا نسأل : بأى حق يحصل وزير أو محافظ على  معاشا شهرياً يعادل 80% من راتب أو مكافأة كل منهم في تاريخ انتهاء شغل المنصب وهو ما يوازى حالياً مبلغ 33 ألف جنيه حتى لو كانت مدة شغل هذا المسئول للمنصب أسبوعا واحداً أو أكثر حيث لم يحدد القانون مدة زمنية لشغل المنصب  ؟ كما أنه ساوى بين من ينجز فى مجال منصبه وبين من يفشل ويهدر المليارات من المال العام  . وهل يعقل ياسادة أن يكون هذا المبلغ الكبير من حق هذه الفئات السابق الإشارة اليها فى حين أن معاشات أكثر من 9 ملايين صاحب معاش تتراوح بين 1200 وحتى 2000  جنيه أو أكثر قليلاً رغم أن الغالبية العظمى منهم يقضى أكثرمن 35 عاماً فى وظيفته الحكومية ويتم استقطاع جزء ليس بالقليل من مستحقاته الشهرية طوال مدة خدمته من أجل هذا المعاش ؟.
 
محمد طرابيه - المصريون
 
 
 
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق