بحث في هذه المدونة

الخميس، 4 مايو 2017

الوفد - كتب - نادية مطاوع واشراف سامي صبري

مع الاحتفال بعيد العمال كل عام، يتناسى الجميع الذين أفنوا أعمارهم فى العمل، من رجال ونساء شابوا فى وظائفهم وكانوا هم وقود النهضة الصناعية، وقوتها الضاربة، شاهدوا ازدهار الصناعة وعاصروا انهيارها، واليوم بعد خروجهم للمعاش تركتهم الحكومة يعانون وحدهم، يعانون الأمراض التى أصابتهم، وتسكنهم الحسرة على أموالهم «المنهوبة» فى بطن الحكومة منذ أعوام.
أكثر من 9 ملايين من أصحاب المعاشات تقزّمت رواتبهم أمام غول الأسعار.

وفى عيد العمال الذى كانوا يحتفلون به قديماً، تقدموا برسالة للرئيس السيسى لزيادة المعاشات 10% لمواجهة الظروف الصعبة التى يمرون بها بعد تحرير سعر الصرف وما تبعه من ارتفاع الأسعار، خاصة أسعار الأدوية التى ينفقون عليها معظم دخولهم، خاصة أن الأيام القادمة ستشهد شهر رمضان الكريم، الذى يشهد ارتفاعًا آخر فى الأسعار، فهل يستجيب الرئيس؟

9 ملايين أسرة فى مصر تنتظر المعاش من شهر لآخر، فعائلها أقعده السن أو المعاش المبكر أو الإصابة أو المرض أو غيرها من الأسباب عن العمل، يحصلون على الفتات التى لا تسمن ولا تغنى من جوع، وفى كثير من الأحيان يكون هذا المبلغ هو المورد الوحيد للأسرة مهما كان عدد أفرادها، ولأنهم تقدموا فى السن فغالبًا ما يكون المرض عدوهم اللدود الملازم لهم دائمًا، الذى يستحوذ على معظم الدخل، ومع ارتفاع أسعار الأدوية وكل شىء فى مصر تقدموا برسالتهم الموجعة للرئيس السيسى يطالبونه فيها بزيادة المعاشات بنسبة 10% أسوة بالعاملين غير الخاضعين لقانون الخدمة المدنية، ولكن أملهم أن تأتى هذه الزيادة قبل شهر رمضان لمواجهة الارتفاع المتوقع فى الأسعار.

منير سليمان، مسئول المتابعة باتحاد المعاشات، قال إن الأمل الوحيد لأصحاب المعاشات الآن هو تدخل الرئيس السيسى شخصيًا للتخفيف عن أصحاب المعاشات، الذين تحول عدد كبير منهم إلى متسولين بسبب ارتفاع الأسعار وعدم قدرة مبلغ المعاش الضئيل على المواجهة، وأشار إلى أن هناك 48% من أصحاب المعاشات يتقاضون أقل من 1200 جنيه، وأن هناك 30% منهم يتقاضون مبالغ تقل عن 1000 جنيه، وهناك 1.7 مليون يتقاضون معاشات لا تزيد على 500 جنيه، وأكد أن السياسات الاقتصادية للحكومة أضرت بأصحاب المعاشات أكثر من أى فئة أخرى وجعلتهم فى أدنى السلم الاجتماعى، بعد أن تناقصت القيمة الفعلية للمعاشات لأكثر من 50% بعد تحرير سعر الصرف، وأصبح مبلغ المعاش مهما كان لا يكفى لشىء، وتساءل منير هل يمكن أن تعيش أسرة كاملة بمبلغ 500 أو 1000 أو حتى 1200 جنيه؟

وأضاف سيد عبدالموجود (62 سنة) عامل بأحد مصانع النسيج:
إنه بعد خروجه للمعاش المبكر من شركته التى كان يعمل بها وتمت تصفيتها، فوجئ بأن مبلغ المعاش 500 جنيه وصل اليوم إلى 720 جنيهًا، فماذا يفعل هذا المبلغ لأسرته المكونة من 5 أفراد، وهو مريض بحساسية صدر يحتاج لعلاج شهرى، ولديه شاب متخرج فى الجامعة ولا يعمل، وبنتان فى سن الزواج، وأضاف: لم أجد أمامى سوى العودة للعمل مرة أخرى أفضل من التسول أو انتظار الإحسان من أحد، ويطالب سيد بضرورة نظر الحكومة لأصحاب المعاشات بعين الرأفة فى ظل هذا الغلاء الفاحش الذى يعانى منه الجميع.


والتقطت أم ابراهيم (55 عامًا) وتعانى من التهاب الكبد الوبائى أطراف الحديث، مؤكدة أن مبلغ المعاش الذى تحصل عليه من زوجها لا يكفى لشىء، لذلك لجأت للعمل فى مصنع للملابس لتحصل على جنيهات قليلة تعينها على الحياة، خاصة أنها لا تريد أن تكون عبئًا على ابنها إبراهيم الذى لا يكفيه دخله للإنفاق على أبنائه، إنما تساعده بما تستطيع، وتضيف: المرض يجعلنى أتغيب كثيرًا عن العمل ولذلك يختلف الأجر الذى أحصل عليه من شهر لآخر، ولكن «نوايا تسند» الحمد لله على كل شىء.

أصحاب المعاشات فى مصر مقهورون مطحونون بين حكومات لا ترحم، نهبت أموالهم قديمًا التى تقدر بـ640 مليار جنيه، وحكومة لا تنظر إليهم رغم أنها كانت سببًا فى ارتفاع الأسعار، وزاد الطين بلة بفشلها فى ضبط الأسواق، ما دفع العديد منهم كما قالوا فى رسالتهم إلى الرئيس لعدم الاستمرار فى الحياة اكتئابًا أو انتحارًا أو جوعًا أو مرضًا.

تحت خط الموت
البدرى فرغلى، رئيس اتحاد أصحاب المعاشات، أكد أن أصحاب المعاشات أصيبوا بهزيمة ساحقة بعد أن سلبت كل حقوقهم القانونية والدستورية، بل والأكثر من ذلك أن الحكومة تركتنا فى قاع المجتمع نتعرض لعدوان الفقر والجوع والمرض، ولم يسأل عنا أحد، وأشار إلى أن الحكومات السابقة والحكومة الحالية قاموا جميعًا بالاعتداء على أموال التأمينات واستولوا عليها لحل أزماتهم على حساب أصحاب المعاشات، ورغم أننا قاومنا بشتى الطرق عن طريق الاحتجاجات والمظاهرات، فإن صوتنا لم يصل للحكومة التى لا تشعر بمعاناة مواطنيها، وحصلنا على أحكام قضائية لم تنفذ، ونحن الآن فى انتظار حكم المحكمة الإدارية الذى سيصدر يوم 28 مايو لاستعادة 80% من خمس علاوات تم خصمها منا بدون سند قانونى، ونتمنى أن يتم تنفيذ الحكم ولا يكون مصيره مثل مصير سابقيه.

وأشار فرغلى إلى أن أصحاب المعاشات يمثلون 40% من المجتمع، وبينهم 5 ملايين أسرة تعيش تحت خط الموت وليس الفقر، حيث يتقاضون معاشات ضئيلة جدًا، وخلال الأشهر الماضية فقدت الدخول بشكل عام 50% من قيمتها بسبب التضخم وارتفاع الأسعار، وأصبحت حياتنا صعبة جدًا والحكومة لا تشعر بمعاناتنا، وأضاف: المشكلة الأخطر من ذلك هى أن من قام بالاعتداء على أموالنا هم من يديرون مسئوليات المالية والتضامن والتأمينات، وبالتالى فهم الخصم والحكم، ويتمتعون بالحصانة والحماية، وبالتالى لن يعيدوا لنا حقوقنا المسلوبة رغم أحكام الدستور الذى يكفل الحماية لأموال التأمينات.

هكذا أصبح أصحاب المعاشات منسيين، لا يحصلون حتى على أبسط حقوقهم فى حياة كريمة وكأن مكافأة نهاية العمر هى التجاهل وسلب الحقوق والعيش فى ظل الفقر والمرض.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق