بحث في هذه المدونة

السبت، 21 أبريل 2018

فى اشكالية رواتب ومعاشات البهوات... اللهم لا حسد

بسرعة الصاروخ تم تمرير قانون تعديل مرتبات ومعاشات السادة رئيس الوزراء والوزراء، وفى الطريق السادة أعضاء السلك الدبلوماسى، وصدق البرلمان المصرى على هذا القانون الذى يخدم عدة مئات من الوزراء وبضعة آلاف من أعضاء السلك الدبلوماسى متجاهلا بذلك سبعة ملايين موظف حكومى ينتمون لشعب مصر يعيشون تحت خط الفقر أو بالكاد فوق خط الفقر ببضعة سنتيمترات.

بداية نحن لسنا ضد تحسين وضع فئة معينة من موظفى الحكومة المصرية - وبالضرورة فإن الوزراء والدبلوماسيين موظفون فى الحكومة المصرية- وحتما نحن ضد تقسيم الموظفين إلى فئات، الأولى منهم على رأسها ريشة، والثانية والثالثة لا يوجد على رأسها أى شىء، وإنما يقع عليهم العبء الأكبر فبما تقوم به الحكومة من إصلاحات اقتصادية، فالكل يعلم أن مستوى معيشة هؤلاء قد انخفض بنسبة 50%.

بعد القرارات الاقتصادية وتعويم الجنيه، ومنتظر أن ينخفض بنسبة 25% على الأقل مع الزيادات الآتية فى الطريق، أى أن المصرى قد انخفض مستوى معيشته خلال سنتين بنسبة 75% على الأقل، وحتى ما يطلق عليه الكادرات الخاصة مثل أساتذة الجامعات والأطباء (ونستثنى هنا كادر القضاء والنيابة) حيث إنه أصبح تابو لا يسمح لأحد أن يقترب منه أصبح له نفس الوضع المزرى، وهنا أتحدث بثقة -بحكم موقعى- عن أساتذة الجامعات:

أسترجع هنا ما كان يقصه على أستاذى المرحوم الدكتور لطفى عبد الوهاب عن أستاذه شفيق بك غربال الذى كان أستاذا بالجامعة المصرية (جامعة القاهرة الآن) حوالى عام 1940 وكان يتقاضى مرتبا شهريا خمسين جنيها كان يستطيع به أن يوظف سائقا وطباخا وخادما وأن يقضى شهرا على الأقل من إجازته الصيفية كل عام فى أوروبا.

حينما عينت أنا معيدا بجامعة الإسكندرية فى 1973 كان مرتبى 25 جنيها، حيث إننى أتبع كادرا خاصا، وفى هذا الوقت كان السلك القضائى والنيابى يطالب بمساواته بأساتذة الجامعات، حتى حدثت الطفرة الكبرى فى عهد الرئيس السادات فانقلبت الآية وأصبح أساتذة الجامعات هم من يطالبون بمساواتهم بالقضاة.

من المفارقات المبكية أو على الأصح العوار فى مرتبات أساتذة الجامعات أن يصل مرتبى وأنا أستاذ شارفت سن المعاش إلى ستة أو سبعة آلاف جنيه، وإذا كنت أستاذا فى كلية الحقوق مثلا فسوف يتخرج على يدى العشرات من وكلاء النيابة الذين سيصبحون قضاة ثم مستشارين، ولا تمر سنة على تعيين وكيل النيابة إلا ويصبح مرتبه يساوى أو يزيد على مرتبى كأستاذ خدم أكثر من 40 عاما فى الجامعة.

كتجربة شخصية فابنتى التى تخرجت منذ ست سنوات من كلية التجارة بتفوق وعملت فى أحد البنوك الشهيرة أصبحت تتقاضى الآن مرتبا يساوى أو يزيد قليلا عن مرتبى حتى إننى أصبحت أخجل من ذكر ما أتقاضاه من الجامعة.

الموضوع الثانى والأهم -ربما- هو المعاشات التى تصر حكوماتنا المتعاقبة على أن تتناسى أن هذه المعاشات تصرف من أموال موظفى الدولة التى تم استقطاعها على مدى ثلاثين أو أربعين عاما، وأصحاب المعاشات ليسوا مسئولين عن أن بعض الحكومات قد استولت على جزء كبير من أموالهم واعتبرته جزءا من ميزانية الدولة، مع أنها أموال خاصة وليست مالا عاما، والقانون الجديد الذى مر بسرعة الصاروخ ينص على أن معاش الوزير أو عضو السلك الدبلوماسى يصرف بواقع 80% من آخر مرتب تقاضاه الموظف، وهذا يشكل فرقا كبيرا عن نظام المعاشات المتبع الذى يشغل فيه الموظف -مثلا- منصب وكيل أول وزارة كذا ويتقاضى ثمانية آلاف جنيه مرتب، وبين يوم وليلة يحال للمعاش فيجد نفسه يتقاضى1500 أو على أقصى تقدير 2000 جنيه معاشا شهريا، أى أن المعاش لا يزيد على 25% من آخرمرتب تقاضاه.

أخشى أن ماحدث سيشكل بداية لكرة الثلج التى ستتدحرج وتتضخم لتغطى كل جوانب المجتمع المصرى، ونعود مرة أخرى للمطالب الفئوية والإضرابات والاعتصامات، وهنا أود أن أورد مثالا واحدا –مرة أخرى- حول أساتذة الجامعات، ما رأيكم لو ظهرت دعوة للتباطؤ فى العمل أو الإضراب بين أساتذة الجامعات آخر هذا العام الدراسى وقرروا أن يتوقفوا عن التدريس وعن إجراء امتحانات آخر العام لحين تحسين أوضاعهم، ألن يشكل هذا صدمة للمجتمع المصرى، أرجو ألا يحدث هذا.

حسين الشيخ - اليوم الجديد


 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق